«الليلة الأصعب»... الخورأسقف متّوكا يُخبر قصّة خطفه عام 2007

الخورأسقف مازن متّوكا يتلو الصلاة الافتتاحيّة في الجامعة الكاثوليكيّة بأربيل لمناسبة الذكرى الأولى لانطلاقة «آسي مينا» الخورأسقف مازن متّوكا يتلو الصلاة الافتتاحيّة في الجامعة الكاثوليكيّة بأربيل لمناسبة الذكرى الأولى لانطلاقة «آسي مينا» | مصدر الصورة: آسي مينا

قد يجهل كثيرون أنّ مأساة مسيحيّي الموصل لم تشرع بسقوط مدينتهم في أيدي تنظيم داعش الإرهابيّ عام 2014. فالمدينة كانت مسرحًا لتفجيرات استهدفت كنائس عدّة ونشطت فيها الجماعات المسلّحة قتلًا وابتزازًا وخطفًا طال مسيحيّين كثيرين، علمانيّين ورجال دين، منذ العام 2003.

اختبر الخورأسقف مازن متّوكا مع الأب بيوس عفّاص، تجربة الخطف لتسعة أيّام عام 2007. وفي حوار خاص مع «آسي مينا»، هو الأول له عقب تولّيه رئاسة دير مار بهنام وسارة التاريخيّ، يحكي متّوكا خبرته الروحيّة والإنسانية كمسيحيّ موصليّ.

الليلة الأصعب

شرح الخورأسقف: «تعيّنت للخدمة في كنيسة مار توما للسريان الكاثوليك في الساحل الأيمن بالموصل، عقب رسامتي كاهنًا في 1 سبتمبر/أيلول 2007. ولم تزد أيّام كهنوتي على الأربعين إلّا قليلًا، يوم باغت مسلَّحون سيارتنا، أنا والأب عفّاص، في 13 أكتوبر/تشرين الأول، عقب مغادرتنا مجلس تعزية قاصدين كنيسة عذراء فاطمة، لأحتفل بقدّاسي الأول فيها بمناسبة عيدها».

يصف متّوكا خبرة اللحظات الأولى من الخطف قائلًا: «إنّها الشهادة!». ويستطرد: «يقين أيّ مكرَّس كان يخدم في الموصل يومئذٍ، أنّه عرضة للخطف أو الاستشهاد. بصفتي كاهنًا، وضعت نصب عينَيّ دائمًا الالتحاق بشهيدَي الموصل الأبوَين: رغيد كنّي (2007) وبولس إسكندر (2006)».

الخورأسقف مازن متّوكا والأب بيوس عفّاص. مصدر الصورة: صفحة «دير مار بهنام وأخته سارة» في فيسبوك
الخورأسقف مازن متّوكا والأب بيوس عفّاص. مصدر الصورة: صفحة «دير مار بهنام وأخته سارة» في فيسبوك

وتابع الخورأسقف: «ملابسنا واستجوابنا أكّدا للخاطفين هويَّتنا. وحمدنا الله أنّهم يبتغون فدية لا قتلنا... واستقررنا معصوبَي العيون في محبسنا». واسترسل: «كانت الليلة الأولى الأصعب والأقسى، قضيتها بالصلاة والتضرّع مناجيًا إلهي: "يا ربّ، يحزّ في قلبي أنّني لم أخدمك إلّا زمنًا قصيرًا جدًّا... لكنّني مستعدّ للشهادة"».

إلهي إلهي، لماذا تركتني؟

كانت تلاوة الصلوات زادَهم اليوميّ. فـ«ألقى شعورنا بحضور الروح القدس السكينة في قلوبنا. وأعطاني الحكمة لمحاورة الخاطفين وألهمني الإجابة المقنعة عن أسئلتهم وفق إيماننا»، على حدّ تعبير متّوكا.

وبعد تعجّب الخاطفين من صلاة متّوكا راكعًا ساجدًا على الأرض، «شرحت لهم أنّها في الأصل طريقتنا المسيحيّة المشرقيّة للصلاة، وكانت كنائسنا سبّاقة إليها ودأبت عليها لقرون».

وأردف: «تحت التهديد بالقتل، تكرّرت دعوتهم لنا للارتداد عن المسيحيّة. واستغربوا استمرارنا في قرع النواقيس والاحتفال بالقداديس!».

الخورأسقف مازن متّوكا يقود رتبة درب الصليب في شهر مارس/آذار الفائت. مصدر الصورة: صفحة «دير مار بهنام وأخته سارة» في فيسبوك
الخورأسقف مازن متّوكا يقود رتبة درب الصليب في شهر مارس/آذار الفائت. مصدر الصورة: صفحة «دير مار بهنام وأخته سارة» في فيسبوك

وعقب إطلاق سراحهما وعودتهما إلى كنيستهما، لم يجد عفّاص ومتّوكا تعبيرًا عن الفرح والشكر لله أصدق من قرع الجرس ورفع قدّاس الشكر. وتتالت قداديس الشكر في كنائس عدّة «أبرزها احتفالنا مع المطران (الشهيد لاحقًا) بولس فرج رحّو في كنيسة مار بولس».

شكر لـسيّدة فاطمة

يعتزّ متّوكا كثيرًا اليوم بأنّه شارك في لقاء الأيام العالميّة للشبيبة مع البابا في البرتغال. فهو استطاع بذلك أخيرًا إيفاء نذر شكر لـ«سيدة فاطمة» على حمايتها له. فخطفه حصل يوم عيدها. وتضرَّع كثيرون من المؤمنين إليها يومها طالبين منها رجوعه سالمًا، كما أخبروه لاحقًا. ولم تخيِّبهم السيّدة العذراء.

ويشكر الخورأسقف الله على خدمته في كنيسة الآباء والأجداد بالعراق. وهو سعيد اليوم بما يقوله المؤمنون له: «أنت أكثر نشاطًا وتفاؤلًا بعد الخطف وتمنح مزيدًا من الرجاء». ويردّد متّوكا آية: «لا تحزنوا، لأنّ فرح الربّ هو قوتكم».

والطريف أنّ متّوكا خسر في رحلة الخطف بدلة القدّاس الوحيدة التي امتلكها ككاهن جديد. لكنّه ربح نفسه، إذ يُعلن: «أعطاني الله ولادة وعمرًا جديدَيْن. ومنحني فرصة لأخدم وأعمل في كرمه، فعشت حقيقة شعاري الكهنوتيّ: "لا تخف لأنّي معكَ"».

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته