رواية سوريّة إلى العالميّة… صدى البيئة الروحيّة في سطور ريما بالي

ريما بالي وغلاف روايتها ريما بالي وغلاف روايتها | مصدر الصورة: ريما بالي

غاب اسم سوريا عن القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية لسنوات، قبل أن يعود هذا العام مع الكاتبة الحلبية ريما بالي.

فقد أعلنت اللجنة المنظمة أخيرًا عن قائمتها التي ضمّت ستّ روايات ومن بينها رواية بالي التي تحمل عنوان «خاتم سُليمى»، تمهيدًا لاختيار الرواية الفائزة في أبريل/نيسان المقبل. فما أثر الجانبَين الروحي الكنسي والمجتمعي الحلبي في شخصية الكاتبة؟ وكيف انعكسا في روايتها؟

أكّدت بالي في حديث خاصّ إلى «آسي مينا» أنّها ولدت وترعرعت في حلب. وبعد المرحلة الجامعية اتجهت إلى العمل وترافق ذلك مع محاولات كتابية. وقد شعرت بأنّ العمل ما هو إلا مرحلة موقّتة، بسبب شغفها وحلمها بأن تصبح كاتبة.

وكشفت عن تبلور فكرها ووعيها عن طريق حضورها في أخوية الشبيبة الطالبة المسيحية (الجيك)، العاملة بإرشاد كهنة الكنيسة الرومية الملكية الكاثوليكية. 

وأوضحت بالي: «في عمر صغير، عندما بدأتُ أكتشف الحياة، برزت لديّ أسئلة هائلة. وقد أسهمَت لقاءات الأخوية ونقاشاتها والمواضيع المطروحة فيها بشكل كبير في تنمية الوعي لديّ في اتجاهَين روحي وفكري، إذا لا أراهما منفصلَين بل يكملان بعضهما بعضًا؛  فلا يمكن أن تكون غنيًّا في الفكر من دون الروح، والعكس».

أثر المكتبة الروحيّة

عن علاقتها بالمكتبة الروحية، أشارت بالي إلى أنّ أولى قراءاتها كانت من مكتبة والدها، إلا أنّها قد دعّمتها في المكتبة الروحية، فوُلِد نوع من الارتباط معها، جعلها تعمل لاحقًا ولفترة وجيزة فيها. علمًا أنّ هذه المكتبة هي واحدة من أهم مكتبات حلب، وتتبع لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك وتقع أمام كنيستها مباشرة (الملاك ميخائيل).

أمّا عن هجرتها إلى إسبانيا، مكان إقامتها الحالي وعلاقتها بكاريتاس، فقالت: «بعدما دمّرت الحرب الفندق الذي عملت فيه طوال 15 سنة تطوّعتُ في كاريتاس حلب. وما إن وصلت إسبانيا استمرت العلاقة من خلال تطوّعي في كاريتاس توليدو. وبعيدًا عن التطوّع وبصورة غير مشروطة، قدموا إليّ مساعدات كبيرة لإرساء سبُل استقراري والوقوف على قدمَي في هذا البلد الجديد. ولاحقًا، عملتُ معهم بعقد رسمي».

وأكّدت بالي أنّها رأت في هجرتها عام 2015 فرصة لعودتها إلى ذاتها وتحقيق حلمها في الكتابة بعدما أخذت الحرب منها كلّ شيء؛ لتباشر فورًا الكتابة وتصدر روايتها الأولى بعد عام من وصولها. واليوم باتت في جعبتها أربع روايات. 

في ما يتعلّق برواية «خاتم سليمى»، شرحت بالي: «تبحث الرواية في ماهية الحبّ والتعلّق الكبير بشخص أو بأرض أو بتقاليد أو بانتماء. وهنا تأتي صورة حلب والتعلّق بطقوسها وثقافتها وموسيقاها وغيرها من الأمور التي نشعر بأنّنا لا نستطيع العيش من دونها. وقد تحدّثتُ عن المجتمع الحلبي المسيحي وعلاقته بالمجتمعات الأخرى؛ متى تصل هذه العلاقة إلى حدود خطيرة ومدمرة، ومتى تكون طبيعية جميلة وداعمة».

وأشارت إلى أنّ الفكرة المسيطرة بشكل عام في الرواية هي «الحقيقة»، طارحةً على القارئ أسئلة من قبيل: هل هناك حقيقة كاملة أمّ الشك موجود دائمًا؟ هل وصلنا إلى نصف الحقيقة فحسب وما زال هناك نصف آخر لم نكتشفه؟ وهل من الوارد أن نموت من دون اكتشافه؟

وختمت بالي عبر «آسي مينا»: «أحببتُ تعميم هذه الأسئلة. فالكاتب لا يقدّم إجابات ولا يكتب ليعظ بالناس، بل ليشاركهم الأسئلة الوجودية التي تشغله».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته