«العشاء ما بعد الأخير»… الفنّان شفيق أشتي يرسم الألم في عالم اليوم

العشاء ما بعد الأخير للفنان شفيق أشتي «العشاء ما بعد الأخير» للفنّان د. شفيق أشتي | Provided by: Shafik Eshtai

في واقع تزداد معه وتيرة المعاناة البشريّة بمختلف أشكالها، سواء في الشرق الأوسط أو العالم ككل، جسّد الفنّان التشكيلي السوري د. شفيق أشتي الألم ومسبّباته في لوحةٍ بعنوان «العشاء ما بعد الأخير»، وقدّم من خلالها صورة تظهر الواقع النقيض لعشاء المسيح الأخير مع تلاميذه قبل ألفي عام.

في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، شرح أشتي الموضوع الذي تدور حوله اللوحة وكيفيّة استنباط فكرة العمل، فقال: «لكوننا متلقّين للأحداث العالميّة ومتفاعلين معها، لا نستطيع إلا أن نتأثر بها. وأنا أجسّد ذلك التأثر في لوحاتي، بحيث لم أخرج منذ سنوات عن صيغة المأساة البشريّة. لذلك، تغلب النزعة التشاؤميّة على هذه اللوحات لكنني أزيد عليها مسحة جماليّة».

العشاء الأخير وريشة دا فينشي

وأوضح أشتي: «اهتم روّاد عصر النهضة منذ القرن الخامس عشر بتصوير شخصيّات الكتاب المقدّس. فليوناردو دا فينشي رسم لوحة "العشاء الأخير" الشهيرة، مسلّطًا الضوء فيها على العلاقة السامية بين المجتمعين حول المائدة. وبعد مرور مئات السنين، أردتُ اليوم، من خلال لوحتي، الإشارة إلى أننا لم نعد نرى مثل هؤلاء الرسل، ولم نعد نلتمس الإيمان والنبل الذي عرّج عليه دا فينشي وعبّر عنه».

معاني لوحة «العشاء ما بعد الأخير»

وتابع أشتي: «للرسل رسالة إنسانيّة، فأين نحن منها اليوم؟ في الحقيقة، بعد عشاء المسيح الأخير مع تلاميذه، وجدتُ دائمًا أعشية أخرى بصور مختلفة تمامًا، يجلس فيها، بدلًا من الرسل، شياطين -على سبيل المثال- يتآمرون ويتكابرون. فشرُّ هذا العالم الذي يُفني البشر جسديًّا أو فكريًّا، تصنعه لقاءات حول طاولات لشخصيات مقنّعة لا حدودَ جغرافيّة لها، تحرّك بأيديها الخفيّة العالم بطريقة تضمن لها السيطرة على الدوام».

وتطرّق أشتي إلى التمثيل الفنّي لهذه الأفكار في لوحة تظهر أعشية المتآمرين في عالم اليوم، لافتًا إلى أن «الطاولة في اللوحة تأخذ شكل دماغ بشري. وهي ليست مستطيلة، إنما مستديرة للدلالة على شكل طاولة التآمر. وتحيط بها خطوط سريعة ترمز إلى أشخاص كثيرين لم يُرسموا بواقعيّة، إنما بشكل عفويّ معبِّر ومبالغ فيه. تدخل تلك الخطوط كلّها كالسهام إلى المركز، وكأنها شياطين تنهش العقل لتخريبه. وهو ما يؤدّي إلى تدمير المجتمعات والحضارات. وقد مثّلتُها باللون الأحمر لكونه يسيطر على الألوان».

تجدر الإشارة إلى أن لوحة «العشاء ما بعد الأخير» واحدة من 24 لوحة يعرضها أشتي في المركز الوطني للفنون البصريّة بدمشق. وستبقى أبواب المعرض مفتوحة للزائرين حتى منتصف الشهر المقبل.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته