رسالة من قرى لبنان الحدوديّة إلى الراعي... ما فحواها؟

لقطة من بلدة رميش المسيحيّة على الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة لقطة من بلدة رميش المسيحيّة على الحدود اللبنانيّة الجنوبيّة | مصدر الصورة: صفحة رميش في فيسبوك

تعيش قرى حدود لبنان الجنوبيّة مرحلةً حسّاسة تفرض على أهلها خيارًا من اثنَين: إمّا النزوح إلى قرى الداخل وبيروت، أو البقاء بما توفّر من مقوّمات صمود. اختار معظم أبناء القرى المسيحيّة على طول الشريط الحدودي ترك بلداتهم خوفًا على سلامة عائلاتهم وسط الاشتباكات المتصاعدة، فيما بقيت قلّة تحرس بيوتها وممتلكاتها وتعيش باللحم الحيّ.

في خضمّ المواجهات المتصاعدة، ووسط صرخات أبناء تلك القرى المسيحيّة، تدخّلت بكركي من خلال مؤسّساتها لدعم الأهالي الباقين هناك، بإيعاز من البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي. تلك المساعدات التي تضمن بقاءهم في أرضهم لا تضمن في المقابل بقاءهم على قيد الحياة مع توسّع رقعة الاشتباكات والقصف.

أمام هذا الواقع القاسي، يبحث كثيرون من أبناء الشريط الحدودي عن دعمٍ معنويّ، أو ربّما متنفّس ليعبّروا عن حقيقة الظروف التي يعيشونها بسبب تلك الحرب التي لا تلوح نهايتها في أفقٍ قريب. ومن بين تلك التعبيرات «الصامتة»، رسالة وصلت إلى بكركي أخيرًا فلم يتردّد سيّد الصرح في قراءتها ضمن إحدى عظاته. هي نوعٌ من الشكوى لله أوّلًا ولرأس الكنيسة المارونيّة ثانيًا. رسالة لم تُعلَن هُويّة كابتها أو كتّابها ولكنّ مضمونها يقول كلّ شيء.

قبل قراءته الرسالة بحرفيّتها، أكّد الراعي أنّ «أهالي القرى الحدوديّة في الجنوب أعربوا لنا عن وجعهم لتخلّي الدولة عنهم وعن واجباتها ومسؤوليّاتها تجاههم. فهم بكبارهم وصغارهم يعيشون وطأة الحرب المفروضة عليهم والمرفوضة منهم إذ يعتبرون أن لا شأن للبنان واللبنانيّين بها».

وتابع الراعي مشيرًا إلى أنهم يكتبون إلينا: «نعيش ضغوط الحرب النفسيّة وتسحق أعصابنا أهوال الغارات اليوميّة وأصوات القذائف المدويّة. وأطفالنا محرومون من وسائل الترفيه ولا يتلقّون تعليمًا مدرسيًّا منتظمًا إلا عن بُعْد بسبب الإقفال القسري لمدارسنا والذي فرضته الحرب الحاليّة». ويتابعون: «بإمكانكم أن تتصّوروا مدى الفشل والفوضى والإخفاق والقلق الذي يترتّب على هذا الواقع المرير، وتداعياته على المستقبل التعليميّ والنفسيّ لأولادنا».

ويضيفون: «اسمحوا لي بأن أقولها بالفم الملآن -ليس تخلّيًّا عن القضايا الوطنيّة ولا العربية، بل انطلاقًا من صدقي مع ذاتي- أرفض أن أكون وأفراد أسرتي رهائن ودروعًا بشريّة وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، ولثقافة الموت التي لم تجرّ على بلادنا سوى الانتصارات الوهميّة والهزائم المخزية».

تلك الرسالة تتماهى تمامًا مع موقف الراعي الرافض لجرّ لبنان إلى أيّ حربٍ لا طاقة له عليها، وهو ما لا ينفكّ يعبّر عنه في معظم عظاته. ذاك الموقف الصلب سببٌ كافٍ لنشوء حملات إلكترونيّة تهاجم سيّد بكركي بين فينةٍ وأخرى، من دون أن تثنيه عن موقف الثابت من الحرب وتبعاتها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته