تفاصيل تُروى للمرّة الأولى عن لقاء جلّوف أميرًا من «داعش»

النائب الرسوليّ للاتين في حلب المطران حنا جلّوف النائب الرسوليّ للاتين في حلب المطران حنا جلّوف | مصدر الصورة: دير اللاتين في اللاذقية

ما أشبه لقاء القديس فرنسيس الأسيزي السلطان الكامل الأيوبي قبل نحو 800 عام، بلقاء النائب الرسولي للاتين في حلب المطران حنا جلّوف أحد أمراء تنظيم «داعش» قبل سنوات.

حينها كان جلّوف كاهنًا فرنسيسكانيًّا ورئيسًا لدير اللاتين في قرية القنية بريف محافظة إدلب. فتناوبت في السيطرة على هذه المحافظة حتى يومنا هذا تنظيمات مسلحة مختلفة، تشابهت جميعها بفرض حكم إسلامي على أهلها، أدى إلى إفراغها من معظم مسيحيّيها.

كُسِرَ حاجز الخوف

كشف جلّوف، للمرة الأولى، مجريات هذا اللقاء في خلال ظهوره أخيرًا على قناة سات 7 بلاس التلفزيونية. فأوضح: «مع بداية الحرب في العام 2011 سقطت منطقتنا بيد ميليشيا مناهضة للحكومة السورية تدعى "الجيش الحر". فحلّت الفوضى وانتشر القتل والسرقة والاضطهاد، وكلّ ما يتخيله العقل من مصائب حلّ علينا». 

وزاد: «في تلك الفترة، كُسر لدي حاجز الخوف، وذلك عندما استُدعيت لتسلّم مخطوف مسيحي، أصرّ خاطفه على تسليمه لي وحدي. وعندما سألته عن السبب أجاب: "لأنّك احترمتنا". وبعد مدة خرج الجيش الحر وأتى تنظيم "داعش" وهنا كان بيت القصيد».

قَرَع بابنا أمير من «داعش»

شرح جلّوف: «بعد دخولهم بثلاثة أيام، قرع الباب شخص عرّف عن نفسه بأنه الأمير أبو أيوب التونسي. فطلب من الراهبة مقابلتي، لكنّها أخبرته بأنّني غير موجود، فطلب منها إعلامي بمجيئه غدًا صباحًا لمقابلتي. في تلك الليلة لم أنم. سألت نفسي: "ماذا سيكون مصيرنا نحن المسيحيين؟ هل سنهجَّر أم نبقى أم نُقتَل أم نُجبَر على تغيير ديننا؟". سلّمتُ ذاتي لله وقلت له: "يا ربّ هؤلاء أولادك، فقط أعطني الحكمة لكي أستطيع التصرف"».

وتابع جلّوف: «وبالفعل، جاءت سيارتان تحملان مسلحين ملثمين باستثناء الأمير، فكان غير ملثم وصافحني ثم همّ بالدخول. طلبت منه إبقاء سلاحه خارجًا لأنّ هذا المكان مقدّس، لكنّه رفض، فقلت له: "إن كنتَ تعتقد أنّ سلاحك يحميك فتفضّل"».

«أدعوك إلى الرجوع لأصولك المسيحيّة»

أضاف جلّوف: «استهل الأمير حديثه بدعوتنا إلى اعتناق الإسلام. وعندما أنهى كلامه، قلت له إنّ تونس التي جاء منها كانت بلدًا مسيحيًّا قدّمت قديسين كثيرين، مثل أغسطينوس ووالدته مونيكا وقبريانوس وبربتوا، "فأنا أدعوك إلى الرجوع لأصولك المسيحية". فجنّ جنونه وأجاب بأنّه لا يؤمن بالتاريخ. فسألته: "إن كنت لا تؤمن بالتاريخ فماذا تفعل لدينا بالجغرافيا؟"».

وأردف جلّوف: «وبعد نقاشات، أوضحت له أنّني لن أصبح مسلمًا كما أنّه لن يصبح مسيحيًّا. وأنّ ما يهم هو كيفية التعاون بيننا من أجل خدمة الناس. فأشار الأمير إلى إمكانية تطبيق "العهدة العمرية". وبالتالي، طلب منا إزالة جميع الرموز الدينية الخارجية مع ضمان حرية العبادة داخل الكنائس. بالإضافة إلى التزام النساء بالحجاب ودفع الجزية. وهاتان النقطتان الأخيرتان رفضتهما».

رفض الحجاب والجزية

تابع جلّوف: «قلت له: "نساؤنا لا يتحجّبنَ وإنما يرتدينَ الثياب المحتشمة، أما الجزية فبحسب العهدة العمرية تُقدَّم مقابل حمايتنا". وقد اعترف الأمير بعدم تمكّنه من حماية المنطقة من الصواريخ والطيران، لذا ولغاية اليوم لم ندفع ليرة واحدة كجزية».

وذكر جلّوف، في نهاية حديثه عن هذا اللقاء، أنّه قبيل مغادرة الأمير الدير طلب منه فكّ أسر مسيحي يُدعى أبو جوليان، كان مخطوفًا منذ 58 يومًا فاستجاب الأمير وأعاده إلى بيته. وفي المقابل، أشار جلّوف إلى التزامه بالاتفاق الذي أُجبِرَ فيه على إزالة الكتابات والصلبان وتمثال للعذراء مريم وآخر لمار يوسف. كما مُنع الرهبان من الخروج بزيّهم الرهباني، وتوقفت الكنائس حتى يومنا هذا عن قرع أجراسها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته