دروس في روحانيّة صوم الباعوثا من سفر يونان

أيقونة للنبيّ يونان في قرية بيترودولينسكو-منطقة أوديسا الأوكرانيّة أيقونة للنبيّ يونان في قرية بيترودولينسكو-منطقة أوديسا الأوكرانيّة | مصدر الصورة: hramikona/Shutterstock

يحفل سِفر يونان الذي تتوالى منه القراءات الطقسيّة في خلال قداديس أيّام الباعوثا الثلاثة، برسائل نَبَويّة غنيّة بمعانٍ روحيّة تستلزم قراءة لاهوتيّة معمَّقة.

فيقدّم كاتب السفر المُلهَم رؤيته الإيمانية والمنطقية لدعوة النبيّ. ويسلّط الكاتب الضوء على الدور المهمّ الذي ينبغي أن يؤديه النبي في إشاعة ثقافة الانفتاح على الشعوب كلّها، كجزء من تصميم الله الخلاصي. ويشرح بطريرك الكنيسة الكلدانيّة الكاردينال لويس روفائيل ساكو أنّ هذا ما فهمته الكنيسة وعاشته منذ تأسيسها.

رسالة لتجنّب المخاطر

بحسب ساكو، يحمل السِّفر رسالة واضحة تدعو إلى تجنيب البشريّة أخطار العنصريّة، والأصوليّة الدينيّة والقوميّة وحبّ السيطرة. فيونان اليهوديّ الأصوليّ المتطرِّف والأناني، يتمرّد رافضًا الذهاب إلى نينوى المدينة الوثنيّة والعدوَّة التي «غزت مملكة إسرائيل نحو سنة 740 قبل الميلاد».

لكنّ صوت الله يدعوه «قُمِ اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة» لحثّ أهلها على التوبة والتغيير والكفّ عن الحرب. فهَرَبَ يونان من هذه الدعوة ما جعله المعنيّ الأوّل بالدعوة إلى التوبة «أي الخروج من تعصّبه ونبذ تشدّده الطائفي. ليكون النبي بذلك أهلًا ليدعو النينويّين إلى نبذ العنف والحروب» كما يبيّن ساكو.

هربٌ فتوبة وطاعة

يوجّه سفر يونان أنظارنا صوب ردّات فعل النبيّ: هَرَبٌ من وجه الله ثم طاعة لأمره فالمناداة في نينوى والدعوة إلى التوبة. وبعد تجاوب النينويّين وتوبتهم، برز غضب يونان من الله وطلبه الموت. فهو كان يتمنى زوال نينوى من الوجود، وقد «غَمَّه ذلك غَمًّا شديدًا، فاغْتَاظ». 

لكنّ الله «إله رؤوف ورحيم بطيء الغضب وكثير الرحمة»، أبعد وأقوى من هذه العقلية المتطرِّفة. فلا يمكن أن يعتبر تدمير الآخر انتصارًا، بحسب منطق الله، وهذا ما ينبغي أن يفهمه المتعصِّبون الدينيّون والقوميون. فوفقًا لساكو انتهاء السِّفر بتوبة نينوى الوثنية وتوبة يونان في النهاية، جعل مار أفرام السرياني يكتب ميمرًا، أي مقالة، عن الباعوثا: «يونان ونينوى نموذج للتوبة».

دعوة إلى الغوص في الأعماق 

في صوم نينوى ويونان دعوةٌ إلى جميعنا للغوص في أعماق ذواتنا لاكتشاف معانيهما الحقيقيّة بالنسبة إلينا. فنسعى بذلك إلى فهم العِبرة من هذا السِّفر، ويمكن أن يتمّ كل شيء بالانفتاح والمحبة وليس بالكراهية أو بالسلاح والسيطرة. وبالتالي، الصوم فرصةٌ ونعمة لا ينبغي أن نضيّعهما.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته