المنقوشة اللبنانيّة إلى العالميّة... ما علاقتها برسم إشارة الصليب؟

سيّدة لبنانيّة تعدّ المنقوشة التقليديّة على الصاج في بلدة دير القمر (الشوف-جبل لبنان) سيّدة لبنانيّة تعدّ المنقوشة التقليديّة على الصاج في بلدة دير القمر (الشوف-جبل لبنان) | مصدر الصورة: ThiagoSantos/Shutterstock

«المنقوشة» اللبنانيّة إلى العالميّة... ليس لأنّها وصفة سحريّة أو طعام عرفه العالم حديثًا، بل لأنّها تجذّرت في تاريخ لبنان وباتت جزءًا لا يتجزّأ من يوميّات ناسه. ببساطتها وأصالتها، غدت المنقوشة طعام الفقراء في زمن الغلاء، واستحقّت قبل أيّام أن تكون على لائحة التراث الثقافي لمنظمة اليونسكو. لكن، بعيدًا من قصّة تلك العجينة ومكوّناتها البسيطة، ما علاقتها برسم إشارة الصليب؟

في مبادرةٍ تحمل بعضًا من لبنان الجميل، قرّرت منظّمة اليونسكو إدراج منقوشة الصعتر (الزعتر) اللبنانيّة في لائحتها للتراث غير المادي للبشرية. ووصفت المنظّمة التابعة للأمم المتحدة المنقوشة بأنّها «متجذّرة في الهوية اللبنانيّة».

قد يبدو الخبر عاديًّا في سياقاتٍ طبيعيّة، لكن في خضمّ ما يعيشه اللبنانيّون من أزماتٍ سياسية واقتصاديّة ومعيشيّة متراكمة، تُنعش هذه الخطوة في نفوسهم أملًا خجولًا باستعادة لبنانهم النابض. وفي بيانٍ نشرته على موقعها، قالت اليونيسكو: «المنقوشة هي خبز مسطح يُعدُّ في المنازل والمخابز المتخصّصة، ويستمتع السكّان من جميع الخلفيّات في لبنان بتناوله ضمن وجبة الفطور».

أمّا ما كان لافتًا في بيان المنظمة العالميّة فإشارتها إلى أنّ معدّي المنقوشة من مختلف المشارب الدينيّة، يصلّون كلٌّ على طريقته التماسًا لاختمار العجين. فيتلو المسيحيّون منهم الصلوات ويرسمون إشارة الصليب.

خلفيّة عادة التصليب

تتكرّس عادة رسم إشارة الصليب أو ما يُعرَف محلّيًّا بالتصليب في مختلف المناطق اللبنانيّة التي يقطنها المسيحيّون على تنوّع طوائفهم. وباتت تلك العادة راسخةً في معظم البيوت لإيمان ناسها بأنّ الربّ يضع بركته في العجينة فتختمر وبالتالي تزيد كمّية المناقيش ويصبح طعمها أفضل. ولا يقتصر ذلك، في الأرياف تحديدًا، على رسم إشارة الصليب على الوجه، بل تذهب الجدّات والأمّهات إلى تصليب العجينة نفسها من خلال حفر إشارة الصليب على سطحها باستخدام أيديهنّ أو إحدى الأدوات المطبخيّة. وعندما تختمر العجينة يختفي الصليب، ما يعني أنّها باتت مباركة وجاهزة لمعانقة النار.

وأشار بيان اليونسكو إلى أنّ هذه الممارسة «تُنقَل بطريقة غير رسمية، والمنقوشة راسخة في الهوية حيث تذكّر نكهاتها بالجمعات الصباحية التقليدية أو ما يُعرف بـ"الصبحيّة" التي تؤدي دورًا رئيسًا في التفاعل الاجتماعي. ويُسهم بيع المنقوشة في المخابز الصغيرة في تنمية الاقتصاد المحلي». وأكّدت المنظّمة أنّ المنقوشة تكتسب قيمة رمزيّة في لبنان.

تجدر الإشارة إلى أنّ المنقوشة اللبنانيّة لا تقتصر على إضافة مكوّن الصعتر (الزعتر) وإن كان أشهر مكوّناتها وأكثرها رواجًا في لبنان كما في بلدان الاغتراب حيث يستحضر لبنانيّو الشتات عبر «منقوشة الصعتر» حنينًا إلى طعام أهلهم في الوطن. بل يمكن أن تحتضن مكوّنات أخرى أو مزيج مكوّنات منها -مثالًا لا حصرًا- الجبنة واللبنة والخضار وسواها...

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته