الأب عمر الهاشم لآسي مينا: طفل المغارة لا يولد في قلوب منغلقة ومتحجّرة

الأب عمر الهاشم الأب عمر الهاشم | مصدر الصورة: الأب عمر الهاشم

«طفل المغارة لا يولد في قلوب منغلقة ومتحجّرة لا رحمة فيها ولا محبّة»... هذا ما يؤكّده الأب عمر الهاشم، مُرسل لبنانيّ مارونيّ ورئيس دير الكريم في غوسطا-لبنان، في حديثٍ إلى «آسي مينا» مع اقتراب زمن الميلاد.

وعن معنى التسامح الحقيقيّ في هذا الزمن المجيد، يشير الهاشم إلى أنّ «التسامح من المبادئ الإنسانيّة، وهو لا يعني نسيان الماضي المؤلم، إنّما التخلّي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأيّ سببٍ حدث في الماضي.

وهو رغبة قويّة في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا الناس بدلًا من إدانتهم. فجميع البشر يخطئون، بمن فيهم نحن، لكن شرط التراجع عن الخطأ. فمن يصل إلى التسامح تسكنه السعادة».

ولكن كيف نبلغ هذه الدرجة من التسامح؟ يجيب الهاشم: «التسامح الحقيقي يتجسّد في خطوات ثلاث: أن نطلب السماح من أنفسنا، ومن الآخرين، ومن الله الآب. ويرفع التسامح من رقيّ الإنسان الذي يبادل الإساءة بالتسامح، ويجعل من ذاته إنسانًا مليئًا بالخير».

طفل المغارة يَقرَع أبواب قلوبنا

يحملنا طفل المغارة، وفق الهاشم، إلى الاستعداد على المستوى الروحي من أجل استقباله: «لكنني أقول لكم أيها السامعون: أحبّوا أعداءكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، باركوا لاعنيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم» (لو 6: 27-28). فثمرة التسامح تعلّمنا عيش صلاة الأبانا بالفعل لا بالكلام فحسب: «إن غفرتم للناس زلّاتهم، يغفر لكم أبوكم السماوي، وإن لم تغفروا للناس، لا يغفر لكم أبوكم زلّاتكم» (مت 6: 14-15).

وتابع الهاشم: «إنّ طفل المغارة لا يولد في قلوب منغلقة ومتحجّرة لا رحمة فيها ولا محبّة، إنّه يقرع بقوّة الحبّ أبواب قلوبنا، وينتظر كي نفتح له ليسكن فيها. وعندما نصغي إلى كلمة المسيح من خلال بصيرتنا، نبلغ مع القديس فرنسيس الأسيزي أجمل ما أنشده في جوهر ميلاد يسوع: «يا ربّ، اجعلني أداة لسلامك، فأنشر المحبّة حيث البغضاء، والتسامح حيث الإساءة، والوفاق حيث الخصام، والحقيقة حيث الضلال، والإيمان حيث الشكّ، والرجاء حيث اليأس، والفرح حيث الحزن».

التمثّل بيسوع المسيح

أضاف الهاشم: «إنّ المسيحيّ مدعوّ إلى التمثل بيسوع المسيح الذي طلب المغفرة لصالبيه مناجيًا الآب السماويّ: «يا أبتاه اغفر لهم لأنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون» ( لو 23: 34). وقد يحملنا ضعفنا البشريّ إلى السؤال مع القديس بطرس: «يا ربّ كم مرة يخطئ إليّ أخي وأنا أغفر له، هل إلى سبع مرات»؟ (متى 18: 21)، فنسمع صوت الربّ في داخلنا مُرَدِّدًا: «لا سبع مرّات بل سبعين مرّة سبع مرّات» (متى 18: 22).

وذكر أنّ «هناك صلة قويّة بين التسامح والتواضع؛ فالإنسان المتواضع يرى في نفسه أنّه أيقونة حيّة ليسوع، إذا شُتِمَ يقبل الشتيمة من دون تَذَمُّر. وهناك أيضًا صلة قويّة بين المحبّة والتسامح؛ فالإنسان الذي يحبّ لا يمكن ألا يتقبل أخطاء الآخرين». ويقول القديس بولس: «احتملوا بعضكم بعضًا، واصفحوا بعضكم عن بعض إذا كانت لأحد شكوى من الآخر. فكما صفح عنكم الربّ، اصفحوا أنتم أيضًا. والبسوا فوق ذلك كلّه ثوب المحبة فإنها رباط الكمال» (كو 3: 13، 14).

وختم الهاشم حديثه عبر «آسي مينا»: «لِنُسامح بعضنا بعضًا بمحبّة وفرح. فبالتسامح تُفتح أبواب السماء وتُقرع أجراس الرحمة ويهلّل الربّ والقدّيسون. فيا يسوع الوديع والمتواضع القلب، اجعل قلوبنا مثل قلبك، واجعل منها مغارة لتولد فيها، فلا تكون مشردًا على أبواب بشريتنا الضعيفة. آمين».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته