نور المسيح يخترق ظلمة الحرب... بوب بولص: لمجابهة العنف بالمحبّة

بوب بولص بوب بولص | مصدر الصورة: شبيبة موطن يسوع-فلسطين

في ظلمة الحرب الإسرائيلية الفلسطينية يلمع نور المسيح في الضفة الغربية. ففي الداخل الفلسطيني وبالتحديد في مدينة رام الله ساعي سلامٍ يصرّ أمام تلاميذه في حصص التعليم المسيحي على أنّ المخرج من الأزمة الحالية هو عيش المحبّة.

بوب بولص، فلسطيني مسيحي وشدياق في نيابة القدس المارونية، درس هندسة أجهزة طبية في لندن وتعلّم اللاهوت في لبنان ليعود إلى مسقط رأسه رام الله. يدرّس بولص الصفوف الثانوية في مدينته، ويعطي مادّة التعليم المسيحي في مدرسة بطريركية اللاتين الأهلية، ومادّة الفلسفة في مدرسة الفرندز.

صعوبات المسيحيّين

في حديث إلى «آسي مينا»، أخبر بولص أنّ المسيحيّين مثل جميع فلسطينيّي الضفة الغربية يعانون صعوبة في التنقل، إذ هناك دائمًا حواجز وتفتيش. كما يتعرّض لهم مستوطنون إسرائيليّون بالحجارة أو بالسلاح مرّات عدّة. فقد حدث هذا الأسبوع على سبيل المثال، أن هجم مستوطنون على مزارعين مسيحيّين في قرية الطيبة وأخذوا غلّتهم من الزيتون بقوّة السلاح. 

ضيقة وألم

منذ بدء الحرب الإسرائيلية الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول، أصبحت جميع مدن الضفة الغربية وقراها معرّضة لدخول الجيش الإسرائيلي إليها في أيّ لحظة لاحتجاز المواطنين واعتقالهم، على حدّ تعبير بولص.

فيغلق الجيش قرى معيّنة ولا يعود بإمكان تلاميذ بولص الوصول إلى مدرستهم ويضطرون لمتابعة تعليمهم عن بُعد عبر الإنترنت. 

كما فقد عمّال فلسطينيون إمكانية الدخول إلى إسرائيل للمياومة، ما عرّضهم لضيقة مالية. وأُغلِق أيضًا معبر الكرامة بين الضفة والأردن، فبقي كثيرون من الفلسطينيين محتجزين خارج الضفة، إذ سمحت السلطات الإسرائيلية بدخول عدد محدود جدًّا من الفلسطينيين عبر المعبر إلى الضفة في الأيام الأولى بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.  

وبعد تعرّض مبنى تابع لكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس في غزّة للقصف الأسبوع الماضي، عاش مسيحيّو الضفة الغربية ضغطًا نفسيًّا هائلًا. فللمتوفين أقارب في الضفة لم يتمكّنوا من الذهاب إلى الدفن أو التعازي أو إرسال الأموال إلى عائلاتهم.

بوب بولص. مصدر الصورة: بوب بولص
بوب بولص. مصدر الصورة: بوب بولص

مزامير التشكّي

لم يخفِ بولص أنّ بعض المسيحيّين يشعرون بعجز وإحباط أمام الواقع الحالي. وهم ينتظرون موقفًا كنسيًّا يخلق مسارات دولية تساهم في حلّ مشكلات الفلسطينيين. لكنّ روح الدعاء لم تندثر في قلوبهم، فأردف بولص: «نصلّي اليوم مزامير التشكّي، مثل المزمور رقم 10 الذي يبدأ بآية "لماذا يا ربّ تقف بعيدًا وفي زمن الضيق عنّي تَحتَجِب؟"». وأضاف: «نصلّي أيضًا أناجيل الألم عندما ذهب يسوع إلى مريم ومرتا وتألّم لموت صديقه لعازر». 

وبينما ينتظر المسيحيّون بزوغ فجر نهاية الحرب، وفي حين يرتفع عدد الضحايا، «يسجد المؤمنون للقربان لأنّ مشاهد الموت وأشلاء الموتى كثيرة. وليس هناك جامع أو كنيسة أو مستشفى أو مدرسة للأونروا إلّا وقصفت أو عرضة للقصف».

المقاومة بالمحبّة

شعر بولص بأزمة إيمانية كبيرة عندما تعرّض مبنى كنيسة القديس برفيريوس للقصف. لأنّ «المذبحة» وقعت في نهاية اليوم الذي طلبت فيه الكنيسة الصوم والصلاة لإنهاء الحرب. لكنّ ذلك لم يحل دون تمسّكه بإيمانه. 

ففي صفوف التعليم المسيحي، سأله التلامذة عن الموقف المسيحي من المتعاركين، فأجابهم بولص: «أعطانا المسيح هويّة يجب ألا نغيّرها بتأثير من الظروف، فأنتم ملح الأرض وأنتم نور العالم». وفي ساعات الدراسة فسّر بولص أنّ المقاومة يجب أن تكون سلميّة وبالمحبة. فالاحتلال شر وخطيئة ومن الضروري السعي إلى رفع الظلم بدل السكوت عنه. لكن يجب المقاومة بالمحبة، على حد قوله. 

وأكد بولص في ختام حديثه إلى «آسي مينا»، انطلاقًا من الفصل الخامس في إنجيل متّى، أنّه لا يمكن العيش بحسب شريعة العين بالعين والسنّ بالسنّ، وهو ما ردده أمام تلامذته. «فعندما عُلِّق المسيح على الصليب وصل الشر إلى أقصى درجاته»، لكنّ الربّ بادل الشر بالمحبة. «يسوع هو الشريعة والمثال والنموذج» وهو المخلّص الوحيد من دوامة الموت.

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته