يونان لآسي مينا: مسيحيو العراق بحالة مستقرّة والوضع اللبناني مخيف

بطريرك كنيسة السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك كنيسة السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان | Provided by: Rody Sher/ACI MENA

أكّد بطريرك كنيسة السريان الكاثوليك إغناطيوس يوسف الثالث يونان في مقابلةٍ خاصّة مع وكالة "آسي مينا" أنّ المسيحيين في العراق يعيشون وضعًا أمنيًّا مستقرًّا، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ميزات خاصّة بل يمارسون حقوقهم كباقي المواطنين. 

وتطرّق يونان إلى مشهد الساحة اللبنانية في ظلّ شغور الرئاسة الأولى وغياب وحدة الصفّ المسيحي قائلًا: «الوضع مقلق ومخيف، إذ إنّ ما يحدث ليس مجرد تمديد للفراغ الرئاسي بل أصبحت الأمور أكثر جدية وخطورة». أمّا في ما يتعلق بالمعاناة المستمرّة في سوريا فأشار إلى التحديات الكبيرة في ظلّ استمرار التداعيات القاسية في المناطق التي شهدت هجمات إرهابية وأعمال تدمير وتخريب.

وفي سياق آخر، علّق يونان على تنظيم السينودس السرياني في قرقوش-العراق، مؤكّدًا أنه حدث تاريخي ومهم ويحمل انعكاسات إيجابية على الحضور المسيحي في بلاد الرافدين.

أزمة بين الكنيسة والدولة العراقية

عن الأزمة الراهنة بين الكنيسة والدولة العراقية وربطها بعدم استقرار أوضاع المسيحيين، شدد يونان على أنّ الخطاب الكنسي يجب أن يكون واقعيًّا وبعيدًا عن التهويل. وقال: «نسعى إلى حقوقنا كمواطنين بوسائل قانونيّة ومنظمة». ولفت إلى ضرورة التحفظ والاعتراض على التصريحات التي تزرع القلق بين أفراد المجتمع. وأشار إلى وجوب عدم الترويج لتصريحات إعلامية تؤدي إلى زيادة مخاوف المسيحيين، وإلى قول الحقيقة كما هي. 

امتيازات لمسيحيي العراق؟

أبدى يونان تفاؤلًا حيال الوضع الأمني في العراق، مؤكدًا أنّ المسيحيين يعيشون في استقرار أمني. وقال: «المسيحيون ليسوا بحاجة لامتيازات بل يعيشون حقوقهم كباقي المواطنين. نحن موجودون في العراق الذي يشهد تقدمًا. ورغم وجود بعض المشكلات والتحديات، تستمر البلاد في التقدم».

وتابع البطريرك: «الادعاءات باستهداف المسيحيين في العراق غير دقيقة». واعتبر أنّهم يشتركون مع باقي المواطنين في مواجهة صعوبات الحياة. وبدلًا من نشر جو قلق وخوف، يجب الدفاع عن حقوق المواطنة العادلة من خلال الوسائل القانونية، بحسب رأيه.

وأردف يونان: «الحكومة والمسؤولون في العراق مستعدون دائمًا للتعاون والاستماع لاحتياجات المواطنين، بمن في ذلك المسيحيون». ولفت إلى أنّ الحكومة الحالية تعمل لضمان حقوق جميع المواطنين بشكل عادل.

الوضع اللبناني مقلق ومخيف

أمّا بخصوص الفراغ الرئاسي في لبنان، فقال يونان: «نعيش اليوم وضعًا لم نشهده من قبل في تاريخنا، وهو وضع يثير قلقنا ويخيفنا. فما يحدث الآن ليس مجرد تمديد للفراغ الرئاسي كما حدث في الماضي، بل هو أمر مهم وحرج». وأضاف: «إنّ الأوضاع المالية والاجتماعية الراهنة تشكل تحديًا مخيفًا بلا شك. ما نعيشه اليوم يختلف تمامًا عما مررنا به في الماضي».

ولفت إلى أنّ الوضع الحالي لا يُظهِر لبنان بالشكل الذي نتمناه. وأردف: «من هذا المنطلق، ندعو بقوة جميع المسيحيين، وبخاصة المسؤولين السياسيين، إلى توحيد جهودهم من أجل لبنان».

وشدد يونان على ضرورة تحمل القيادات السياسية مسؤولياتها لمصلحة البلاد. وطالب المسؤولين بأن «يجتمعوا بكل جدية وتصميم، لأن الأوضاع تتطلب ذلك بشدة. فنحن نسعى جاهدين، ككنائس وبطاركة، للوحدة والتفاهم في هذه اللحظات الصعبة. إنّنا على يقين بأن عبر التضامن والتعاون، يمكننا تخطي هذه الأزمة الخطيرة».

دور الكنيسة في سوريا 

في ما يتعلق بوضع الكنيسة السريانية في سوريا، ذكّر البطريرك بالتحديات الأمنية والإرهابية. وعن دور الكنيسة قال: «تلتزم الكنيسة السريانية، كما جميع الكنائس الأخرى، رعاية شؤون المسيحيين وخدمتهم. إنها جزء طبيعي من الشرق، تعيش الصعوبات نفسها التي تواجهها الكنائس الأخرى».

وتطرّق إلى تداعيات الأزمات المستمرة في البلاد، مذكِّرًا بالآثار السلبية التي تشهدها مناطق كثيرة في شمال شرقي سوريا، بما فيها محافظتا الحسكة والفرات، نتيجة الهجمات الإرهابية التي شنها تنظيم داعش. «أمّا في المناطق الوسطى مثل أبو رشيد في حمص، فقد شهدت بعض القرى المسيحية مثل القريتين ودير مار ليان وصدد عمليات تخريب واعتداء»، على حدّ تعبيره.

مساعي الكنيسة السريانية

المزيد

ربط يونان ما يحدث للمسيحيين في سوريا والعراق قائلًا: «في العراق، نمرّ بتجارب مماثلة، حيث تعرضت الكنيسة السريانية الكاثوليكية بشكل خاص لأحداث مؤلمة، مثل المجزرة التي وقعت في كاتدرائية سيّدة النجاة في بغداد قبل ثلاث عشرة سنة». وخَلص إلى أنّه كانت لتلك الأحداث تأثيرات خاصة ومؤلمة على الكنيسة السريانية.

ودعا يونان إلى جهود مشتركة لدعم أبناء الكنيسة في المناطق المتضررة، وشدد على أهمية التعاون بين المسيحيين وجميع فئات الشعب للتغلب على هذه التحديات الموجودة في سوريا. وقال: «الكنيسة السريانية تعيش تحديات في سوريا والعراق، وقد تأثرت بشدة في خلال المراحل الصعبة، وما زالت تسعى للبقاء قوية ومتماسكة في وجهها».

حدث تاريخي في العراق

تعليقًا على سينودس الكنيسة السريانية المُزمع عقده من 10 إلى 15 سبتمبر/أيلول 2023، للمرة الأولى في العراق ببلدة بغديدا التي تعاني عدم استقرار أمني في الآونة الأخيرة، شرح البطريرك لوكالة «آسي مينا» أنّ لهذا الحدث انعكاسات إيجابية على الحضور المسيحي في بلاد الرافدين.

ولفت يونان إلى أهمية الرسالة التي يحملها السينودس عبر انعقاده في هذا المكان وفي هذا التوقيت بالذات. وتحدث عن أهمية هذا الحدث لجهة تكريس التعاون والتواصل بين مختلف كنائس المنطقة. وأكد أنّ السينودس يعزز التلاحم والتعاون بين المسيحيين في الشرق الأوسط، ويشجع على تقديم الدعم لبناء مستقبل أفضل لهم في تلك المناطق. واعتبر انعقاد السينودس في بغديدا حدثًا تاريخيًّا ومهمًّا. و«نحن نسعى لتعزيز التواصل والتآخي بين الأقليات المسيحية في الشرق الأوسط»، كما قال.

زيارة المسؤولين العراقيين

يُذكر أنّ البطريرك يونان زار عددًا من كبار المسؤولين العراقيين في الأيام القليلة الماضية. والتقى في خلال جولته الرئيس العراقي ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس القضاء والسفير الباباوي في البلاد. 

(تستمر القصة أدناه)

وقد تمحورت لقاءاته حول دور الوجود المسيحي وأهميته في العراق، والتعاون والتعايش بين مختلف المكونات الدينية والثقافية. كما ناقش يونان معهم مواضيع متنوعة تتعلق بالتحديات التي يواجهها المسيحيون في العراق والسلم والأمن وأهمية الجهود الحكومية لتعزيز الوحدة والاستقرار في البلاد. 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته