سليلة ملوك وابنها فضّلا الموت على عبادة الأوثان

أيقونة القديسَيْن يوليطي وقرياقوس أيقونة القديسَيْن يوليطي وقرياقوس | Provided by: Wikimedia Commons

تحتفل الكنيسة الكلدانيّة في 15 يوليو/تمّوز من كل عام بتذكار مار قرياقوس وأمّه يوليطي. فماذا نعرف عن هذَيْن القديسَيْن الشهيدَيْن اللذَيْن تحمل كنائس عدّة في العراق اسمَيْهما؟

وُلِدَت يوليطي، سليلة ملوك آسيا، في مدينة أيقونية بآسيا الصغرى، ونشأت مسيحيّة مزدانة بالفضائل ومرتبطة بالكنيسة. لم تنقطع يوليطي عن الصلاة ومساعدة الفقراء والمساكين، ولا سيّما زيارة السجناء بسبب إيمانهم المسيحي، موظِّفةً ثراءها في خدمتهم وتعليمهم.

أثمر زواجها برجل مسيحي تقي طفلًا وحيدًا سُمِّيَ قرياقوس، فدأبت مع زوجها على منحه تربية مسيحيّة صحيحة في أحضان الكنيسة لتكون أحبّ كلماته التي ما انفكّ يكرّرها مذ كان ابن عام: «أنا مسيحي».

بعد ترمّلها المبكر، جاهدت يوليطي لتحفظ وابنها وديعة الإيمان إزاء اضطهاد الإمبراطور ديقلديانوس الذي أمر عام 303 بأن تُهْدَم الكنائس في إمبراطوريّته كلها وبأن «يُحْرَق حيًّا» كل من يرفض تقديم الذبائح للأوثان. فاختارت ترك أموالها وأملاكها والهرب بابنها لئلا يقع بين أيدي الوثنيين إذا ماتت في سبيل إيمانها.

هربت أوّلًا إلى مدينة سلوكيا في تركيا الحاليّة، حيث كان اضطهاد المسيحيين أشدّ. قصدت طرسوس وهناك قُبِضَ عليها وطفلها بين ذراعيها، وقُدِّمَت للمحاكمة أمام الوالي ألكسندروس. لم تهب يوليطي آلات التعذيب وحشود الجنود، فمثلت مع طفلها أمام الوالي وأجابته بشجاعة عندما سألها أن تعرّف عن نفسها، قائلة: «أنا مسيحيّة».

أغضبت الإجابة الوالي، فأمر بانتزاع طفلها منها وتعذيبها بوحشيّة. على الرغم من القسوة وسيلان دمائها، أعلنت: «أنا مسيحيّة ولن أقدّم شيئًا للأصنام». وأنطق الله طفلها الذي تضرّعت أمّه إلى الله ليتكلّم على لسانه كما نطق على لسان أطفال أورشليم، فأعلن: «إن معبوداتك حجارة وأخشاب من صنع الأيدي، ليس إله إلا سيّدي يسوع المسيح».

جُرِّدَت يوليطي من ملابسها وجُلِدَت أمام طفلها حتى تمزّق جسدها، لكنها «كانت تحتمل آلام التعذيب بكل إيمان وفرح وهي تنظر نحو ابنها لتعطيه درسًا عمليًّا في التمسّك بالإيمان والثبات عليه»، كما يذكر موقع البطريركيّة الكلدانيّة.

حمل الوالي قرياقوس وشرع يلاطفه لكن عينَي الأخير كانتا مسمّرتين على أمّه المعذّبة، فراح يكرّر صرخته «أنا مسيحي» التي أغضبت الوالي. حينها، طرحه أرضًا بكل عنف، فانشقّ رأسه ونال إكليل الشهادة على مرأى أمّه.

صمدت يوليطي وجاهرت بإيمانها: «أنا لا أشتهي موضعًا آخر سوى أن أنطلق من هذه الحياة سريعًا لألحق بابني الحبيب قرياقوس، لا أتوق إلا لرفقته في السماوات». فاستشاط الوالي غضبًا وأمر بقطع رأسها لتلحق بابنها إلى الملكوت عام 305. وهكذا، أصبح كلاهما مثالًا وشفيعًا للمضطهدين من أجل الإيمان.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته