مار باباي الكبير... واضع أسس كريستولوجيا كنيسة المشرق

صليب كلداني في كنيسة مار كوركيس، تل أسقف-العراق صليب كلداني في كنيسة مار كوركيس، تلّ أسقف-العراق | Provided by: Madonna Ewaz/ACI MENA

تحتفل الكنيسة الكلدانيّة بتذكار مار باباي الكبير هذا العام في 23 يونيو/حزيران الحالي. هو راهب ولاهوتي له في تاريخ المشرق المسيحي مكانة وتقدير كبيران.

وُلِدَ باباي سنة 550 في قرية بيث عيناثا الواقعة في إقليم بيث زبدي، شمالي العراق اليوم. درس الطبّ في جامعة نصـيبين وبرع فيه. كما تعلّم الفلسفة واللاهوت لكنّه اختار التكرّس في دير أسّسه إبراهيم الكشكري سنة 571.

أدّى باباي دورًا محوريًّا في إدارة كنيسة المشرق عندما شغر الكرسي البطريركي بعد وفاة غريغوريوس الأوّل سنة 609، فعيّنه مجلس الأساقفة نائبًا عامًّا على الكنيسة حتى سنة 628 التي شهدت انتخاب البطريرك إيشوعياب الثاني الجدالي ووفاة باباي.

أوضح باباي لاهوته في كتاب «ميامر في الألوهيّة والبشريّة والشخص الواحد» المعروف بـ«الاتحاد»، فاعتبر أن «ثمّة طبيعتين إلهيّة وإنسانيّة متّحدتان في المسيح. لذلك، لا يوجد سوى ابن واحد وشخص واحد في الاتحاد». واستطرد مبيّنًا الآتي: «بسبب الاتحاد، تُسمّى مريم الطوباويّة أمّ الله وأمّ الإنسان. أمّ الإنسان وفقًا لطبيعة خاصّة بها، وأمّ الله بسبب الاتحاد الذي كان لديه مع إنسانيّته».

النسطوريّة «بدعة خياليّة»

في عالمنا المعاصر، لا تزال لباباي أهمّية كبيرة في الدراسات اللاهوتيّة. بناءً على تعليم آباء ومعلّمين كثيرين في كنيسة المشرق، أبرزهم باباي الكبير، أكد بطريرك الكنيسة الكلدانيّة الكاردينال لويس روفائيل ساكو أن كنيسة المشرق ليست نسطوريّة، على سبيل المثال. فاعتبر ساكو النسطوريّة «بدعة خياليّة»، لافتًا إلى أن الحديث عنها لا يعدو كونه مزاعمًا روّجها الخصوم. فلا نسطوريوس ولا كنيسة المشرق اعترفا بوجود شخصين في المسيح، على حدّ تعبيره.

واستنتج ساكو في كتابه «مدخل إلى اللاهوت المريمي في تراث الكنيسة الكلدانيّة»، انطلاقًا من باباي الذي اعتبره «أوّل لاهوتي مشرقي وضع أسس الكريستولوجيا (أي علم المسيح) بطريقة منهجيّة مدرسيّة متبلورة، بحسب معتقد كنيسة المشرق»، أن هذا الأخير هو أوّل من قدّم كريستولوجيا كنيسة المشرق بشكل رسمي في كتابه «ميامر في الألوهيّة والبشريّة والشخص الواحد» المعروف بـ«الاتحاد».

باباي في الحوار المسكوني

بالنسبة إلى ساكو، إن «كنيسة المشرق، بالرغم من الصعوبات والاضطهادات والتحدّيات التي واجهتها، عدّت نفسها جزءًا من الكنيسة الجامعة. لكن لوقوعها خارج المملكة الرومانيّة إذ كانت خاضعة للمملكة الفارسيّة، لم يُسمح لها بإقامة علاقات مع الكنيسة الغربيّة، ولم تشارك في المجامع الموسومة بالمسكونيّة التي كانت تخصّ العالم الروماني».

وهكذا خلص ساكو إلى أن الحوار المسكوني بين كنيسة المشرق الآشوريّة والكنيسة الكاثوليكيّة قد توصّل إلى أن الإيمان بالمسيح ابن الله الوحيد، مشترك بينهما. فقد تبيّن، انطلاقًا من تعليم باباي، أن وجه الخلاف بين الكنيستَيْن لغوي-تعبيري فلسفي فقط.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته