الصوم والشباب

الصوم Martha Calderon/CNA

لنفهم ما هو الصوم: للصوم وجهان جسدي وروحي. فالوجه الجسدي للصوم هو الإمتناع عن الأكل والشرب لفترة من الوقت من أجل الاقتراب من الله بالتوبة والإيمان والصلاة. فالصوم لا يقوم على الفم فحسب، وإنما العين والأذن والقدمين واليدين وكل أعضاء الجسم، ولا يقوم على التبدل الذي طرأ على طعامنا فقط بل على قلبنا. فمن يستطيع أن يسيطر على الأشياء المسموحة يستطيع أن يسيطر على الأشياء الممنوعة. فالصوم يتطلب جهد يقوم بقهر الإنسان لذاته، بغية التقرب من الله ومن البشر، إذ أن” الرُّوحُ مُندَفع وأَمَّا الجَسدُ فضَعيف (متى 26: 41).

أما الوجه الروحي للصوم فهو الإمتناع عن الخطيئة، هو موقف القلب، القلب المتواضع التائب، الذي يسعى لتجديد علاقته مع الله. كما يقول يوئيل النبي "مَزِّقوا قُلوَبَكم لا ثِيابَكم وأرجِعوا إِلى الرَّبِّ إِلهكم فإِنَّه حَنونٌ رَحيم طَويلُ الأَناة كَثيرُ الرَّحمَة ونادِمٌ على الشَّرّ" (يوئيل 2/13). الصوم هو عدم تفكير الإنسان بالشر في قلبه، إلى التجديد والتغيير والتطوير في الشعور، الصوم هو ترك الإنسان العتيق ولبس الجديد، إلى الانتقال من الحياة القديمة والعودة إلى الشباب المتجدد. الصوم هو كبح رغبات الجسد والابتعاد عن الأفكار الشريرة وتحرر من التخيلات المذنبة، هو طهارة الصلاة، نور للنفس ويقظة العقل والقلب معا، هو زمن العودة إلى بعضنا البعض بأفعال المحبة والصدقة والرحمة والمصالحة. هو موقف القلب، الذي يسعى لتجديد العلاقة مع الآخرين ومع الله فهو إنتظار الرب.

علاقة الشباب بالصوم: علموا الشباب أن الصوم هو ليس علاقة تجارية مع الله ( شيء مقابل شيء )، علموهم أن الصوم هو تسامح ومحبة وصدقة وصلاة، لا تتركوا الصوم يكون فقط شكليات، إزرعوا فيهم حب التقرب من الله عن طريقه، إنها مسؤولية لنشر الفكر السليم عن الصوم، بالتأكيد ما يتعلمه الشباب وما يعملوه يعتمد على ما رأوه من من حولهم.

الشباب بالغالب مشغولون يعملون جاهدين لبناء مستقبلهم، وربما يتجاهل بعض الشباب الصوم بسبب إنشغالاتهم، أو فقط بسبب تفكيرهم إنه ليس من الضروري الامتناع عن الطعام طالما أنهم لا يقومون بعمل شي سيء.

من واجب الكنيسة والعائلة إرشاد الشباب وتعليمهم عن الصوم، إنها مسؤولية أن تعلمهم المعنى الحقيقي للصوم فـ عندما يكون للشاب أو الشابة على علم كامل عن ماهية الصوم حينها يترك لهم الاختيار أن يصوموا أو يمتنعوا عنه، فــ الصوم هو ليس اجبار اذا لم تفهم معناه و تحترمه وتحبه فلا داعي لأن تصوم تباهيا.

الصوم ليس هدفا بحد ذاته، وإنما وسيلة للوصول إلى الهدف، إلى الله، "خُبزُ الحَياة". لذا لا يمكن أن ينفصل الصوم عن ذكر الرب المحرك الأساسي له. إننا بصومنا نتجه نحو الرب، فمقومات الصوم هي الرجوع إلى الله وطلب رحمته وبالطبع هناك أعمال روحية مثل، المصالحة الغفران، محبة القريب، والابتعاد عن الكراهية والحقد والانتقام. فنحن بالصيام نفهم أن الله هو مصدر الحياة والعيش وليس الخبز واللحم. "مَكتوبٌ: لَيَس بِالخُبزِ وَحدَه يَحيا الإِنسان". فالله هو مصدر وجودنا فعلينا أن نكون مستعدين أن نفرغ حياتنا لكي نمتلئ منه.

الأهم هو أن يصوم الشباب ويختبر معنى الصوم وحينئذ يفهم ويكتشف فائدته، إن لم يصم لن يكتشف حقيقة الصوم ولو قرأ وسمع الكثير عن هذا الموضوع.

أظهر الرب أهمية الصوم في علاقتنا مع الله، وإلتزم به رسل المسيح والمؤمنون طوال تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، وسيبقى الصوم حتى مجيء المسيح من جديد، علامة الإيمان بالمسيح. لنصم جميعا متحدين بالرب ولنشبع أنفسنا منه وحده. إذ أن بالصوم، ربنا يستجيب لنا ” فصُمْنا وطَلَبنا مِن إِلهِنا لِأَجلِ ذلك فآستَجابَنا. (عزرا 8:23).


رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته