دعوة الله رسالة حبّ

أيقونة يسوع المسيح أيقونة يسوع المسيح | Provided by: Didgeman via Pixabay

في الكتاب المقدّس (يو 1: 35-42)، نقرأ عن تلميذَيْن للمعمدان تبعا الربّ يسوع، بعدما أشار يوحنا إليه قائلًا: «هَا هُوَ حَمَلُ الله!». رآهما الربّ، ودعاهما قائلًا: «تَعَالَيَا وانْظُرَا»، فتبعاه وأَقَامَا عِنْدَهُ ذلِكَ اليَوم!

قبل أن نغوص في هذا المشهد، يمكننا أن نطرح على ذواتنا الأسئلة الآتية:

-هل نزور يسوع حيث يقيم؟

-هل ندرك أساسًا أين يسكن؟

-أين يجدر بنا أن نبحث عن يسوع لنجده؟!

لكن الربّ يسوع قال: «لِلثَعَالِب أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَمَاءِ أَوْكَارٌ، وأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ، فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ» (مت 8: 20)!

إذًا، أين يجب أن نبدأ بحثنا؟

البداية مع كلمات البابا فرنسيس الآتية: «من الأهمّية بمكان أن نعرف كيف نميّز: فالخيارات الكبيرة يمكن أن تولد من ظروف يبدو للوهلة الأولى أنها ثانويّة، لكن يظهر بعدها أنها مقرّرة. لنفكّر باللقاء الأوّل لأندراوس ويوحنا مع يسوع، لقاء وُلِدَ من سؤال بسيط: "ربّي، أين تقيم؟"، "تعاليا وانظرا". إنه حوار قصير جدًّا لكنه شكّل بدايةَ تحوّلٍ طبعت حياتهما كلَّها. بعد سنوات، لا يزال القديس يوحنا البشير يتذكّر هذا اللقاء الذي غيّره إلى الأبد، وهو يتذكّر أيضا الساعة: "نحو الساعة العاشرة" (أي الرابعة من بعد الظهر). إنها الساعة التي التقى بها الزمن والأبديّة في حياة يوحنا. وفي القرار الصائب والجيّد، تلتقي إرادة الله مع إرادتنا، كما تلتقي مسيرة الحياة بمسيرة الأبديّة. اتخاذ القرار الصائب بعد مسيرة من التمييز يعني حصول اللقاء بين الزمن والأبديّة» (تعليم الأربعاء الأسبوعي، في 30 أغسطس/آب 2022).

أن ننظر إلى «حيث يقيم» الربّ يشكّل دعوةً للتقرّب من الله بالطريقة التي أرادها، والربّ يسوع أوضح أنه «الطريق والحقّ والحياة» (يو 14: 6). وبالتالي، من أراد معرفة يسوع، عليه أن يتعمّق في كتابه المقدّس، وأن يتغذّى من القربان، وأن ينظر إلى وجه الفقير والمظلوم والمحتاج على أنه وجه يسوع وهو ما نجده في تقليد الكنيسة.

ولكن، تمرّ أيّامٌ كثيرة نلتقي فيها الربّ في كلّ ما سبق من دون أن نشعر بحرارة اللقاء التي شعر بها أندراوس ورفيقه.

ألعلّنا اعتدنا على حضور الربّ أو أضحى اللقاء به من مجموعة لقاءات «الواجبات» أو «الاجتماعيّات» في إطارٍ روحيّ؛ لقاءات تفتقد إلى هذا الإحساس بالتغيير وبحرارة الإيمان التي تلمس القلب والوجدان والضمير!

نعود إلى البابا فرنسيس القائل: «يصف الإنجيل كيف أصبح التلميذان، بعد وجودهما في بيت الربّ، "وسطاء" أتاحا للآخرين أن يقابلوه ويعرفوه ويرثوه. ذهب أندراوس على الفور لمشاركة تجربته مع أخيه سمعان وأحضره إلى يسوع... يوضح ذلك كيف أننا في لقائنا مع يسوع، نصبح شخصًا جديدًا ونتلقّى مهمّة نقل هذه التجربة إلى الآخرين، ولكن مع التركيز دائمًا على الربّ» (الرسالة التي وجّهها الأب الأقدس في مهرجان مديوغوريه للشبيبة من 1 إلى 6 أغسطس/آب 2020).

يدعونا هذا الأمر إلى التجدّد الدائم في كلّ مرّة نلتقي الربّ في الصلاة أو في أعمال الرحمة ليعود إلينا نبض القلب كلّما التقينا به. فمن وجد الربّ يسوع، لن يحتاج إلى الوقت كي يكتشف السعادة والسلام، وهذا ما شعر به أندراوس حين حمل البشارة إلى أخيه سمعان قائلًا: «وَجَدْنَا مَشيحَا، أَي المَسِيح». فهل نحمل الربّ يسوع إلى العالم بالحماس عينه؟!

إن أردنا اختصار هذا النصّ من الإنجيل بكلماتٍ قليلة ستكون: «ذهبا ونظرا أين يقيم فعرفاه!»

من المؤكد أنّنا لن نعرف الربّ بشكلٍ صحيح ما لم نغادر سور أحكامنا المسبقة وآرائنا الشخصيّة لندخل في صلب العلاقة مع الله حيث هو لا حيث نريده أن يكون...

الختام أيضًا مع البابا فرنسيس: «لنتوقّف للحظة عند خبرة اللقاء هذه مع المسيح الذي يدعونا لنقيم معه. إن كلّ دعوة من الله هي مبادرة من محبّته. الله يدعو إلى الحياة والإيمان، ويدعو إلى حالة معيّنة من الحياة. إن دعوة الله الأولى هي الدعوة إلى الحياة التي يشكّلنا بها كأشخاص. إنها دعوة فرديّة لأن الله لا يفعل الأشياء في سلسلة. من ثمّ، يدعونا الله إلى الإيمان ولكي نكون جزءًا من عائلته كأبناء لله. وأخيرًا، يدعونا الله إلى حالة معيّنة من الحياة: لكي نبذل ذواتنا في درب الزواج، وفي درب الكهنوت أو الحياة المكرّسة. إنها دروب مختلفة لكي نحقّق مشروع الله لكلّ واحد منا، والذي هو على الدوام مخطّط حبّ. وأعظم فرحة لكلّ مؤمن هي أن يستجيب لهذه الدعوة، ويقدّم نفسه لخدمة الله والإخوة» (صلاة التبشير الملائكي، الأحد 17 يناير/كانون الثاني 2021).

 

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته