الجمعة 5 ديسمبر، 2025 تبرّع
EWTN News

هل جلس لبنانيٌّ يومًا على كرسيّ بطرس؟

كرسيّ بطرس/ مصدر الصورة: (Dnalor 01via wikimedia commons (CC BY-SA 3.0

وسط الاستعدادات المتواصلة في كلّ من تركيا ولبنان لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر، توقِظ هذه الزيارة سؤالًا قديمًا لطالما راوَدَ الذاكرة الجماعيّة: هل سبق أن تولّى لبنانيٌّ السدّة البابويّة؟

عند التقصّي في سجلّات الأحبار الرومان عبر التاريخ، نكتشف وجود ما لا يقلّ عن ثمانية بابوات وُلِدوا ضمن حدود سوريا الطبيعيّة، أو ما يُعرف ببلاد الشام. في هذه اللائحة، يبرز اسم البابا قسطنطين. وعلى الرغم من أنّ المصادر التاريخيّة القديمة لم تُحدّد مكان مولده، فإنّ عددًا من الكتابات المعاصرة لا يذكر إلّا مدينة واحدة لمسقط رأس هذا البابا، هي صور اللبنانيّة.

البابا قسطنطين. مصدر الصورة: Maria Belaustegui/Pinterest

عاشَ قسطنطين في القرن السابع الميلاديّ، ومن المصادفات التاريخيّة المثيرة أنّه عاصَرَ البطريرك المارونيّ الأوّل يوحنّا مارون. ورغم غياب أيّ إشارات تاريخيّة تُوثِّق حصول تلاق أو تواصل مباشر بين الشخصيتَين الوازنتَين، فإنّه لا يُمكن استبعاد حدوث ذلك.

تولّى قسطنطين السدّة البابويّة بين عامَي 708 و715، وعاصر كذلك ازدهار الدولة الأمويّة. وقد وصفه كاتب سيرته بأنّه كان «لطيفًا إلى حدّ بالغ». ورغم المجاعة والظروف السياسيّة والكنسيّة الصعبة، تميّزت شخصيّته بثلاث صفات أُخرى رئيسة يُمكن استخلاصها من حياته، أولاها الحفاظ على وحدة الكنيسة؛ وتجلّى ذلك في مواجهته أسقفَ رافينا الذي رفض تقديم الطاعة والولاء للبابويّة.

الصفة الثانية هي «الحكمة الدبلوماسيّة» في التصرّف مع السلطة؛ وقد ظهرت في تعامله مع قوانين مَجْمَع «ترولو» الذي انعقد في العام 692 (والتي لم يُوافِق عليها كرسيّ روما حينها)، وفي إدارته العلاقة مع الإمبراطور البيزنطيّ جستنيان الثاني. دعا هذا الأخير قسطنطين إلى القسطنطينيّة (إسطنبول)، مُستقبِلًا إيّاه بتقبيل قدمَيه، كما تناول القربان المقدّس ونالَ الحلّة منه. وقد ناقشا برويّة قوانين ذلك المَجْمَع. وتُعدّ هذه آخِر رحلة من نوعها لحبر رومانيّ إلى القسطنطينيّة حتّى زيارة البابا بولس السادس للمدينة في العام 1967.

أمّا الصفة الثالثة التي امتلكها قسطنطين فهي «القدرة على التهدئة»؛ فبعد وفاة جستنيانوس، اعتلى العرش الإمبراطور «فيليبيكوس باردانيس» الذي رفض مقرّرات المَجْمَع المسكونيّ السادس وقالَ بوجود إرادةٍ واحدة للمسيح (المونوثيليتيّة). ردَّ قسطنطين على ذلك بحذف اسم الإمبراطور من الصلوات والوثائق البابويّة وأمَرَ بإزالة صوره من الكنائس. اندلعت في إثر موقف الإمبراطور أعمال شغب دامية في شوارع روما، لكنّ البابا قسطنطين نجح في تهدئة الشعب عبر إرسال جماعات من الكهنة يحملون صلبانًا وأناجيل، مؤكّدًا بذلك قدرته القياديّة في أصعب الظروف.

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته