البطريرك الراعي... مسيرة طويلة ستحتضن البابا لاوون في لبنان

واجه الراعي في السنوات الأخيرة سلسلة من الضغوط الإعلاميّة لتقديم استقالته، إلّا أنّه واصل مسؤوليّاته الكنسيّة ويستعدّ اليوم لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر في لبنان واجه الراعي في السنوات الأخيرة سلسلة من الضغوط الإعلاميّة لتقديم استقالته، إلّا أنّه واصل مسؤوليّاته الكنسيّة ويستعدّ اليوم لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر في لبنان | مصدر الصورة: البطريركيّة المارونيّة

مع اقتراب رحلة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان تتجه الأنظار إلى كنيسة بلاد الأرز ورجالاتها وأبرزهم البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، نظرًا إلى ما يمثّله على الصعيدَين الوطني والعالمي.

لم تكن مهمّة الراعي في السنوات الأخيرة سهلة؛ فمنذ انتخابه في السدّة البطريركيّة عام 2011، قاد الكنيسة في بلد شهد أزمات وانهيارًا ماليًّا وحربًا. وتسلّم دفّة مركب الكنيسة بعد نصرالله صفير الذي طالب بخروج الجيش السوري من البلاد.

وجلس الراعي على كرسيّ بكركي في خضمّ سنوات شهدت اغتيالات سياسيّة في لبنان، وتحمّل مسؤوليّة كبرى أمام كنيسة يغادر مؤمنوها بلدهم الأمّ اطّرادًا بحثًا عن الأمن والمعيشة في بلاد أخرى.

مطالبة سياسيّة باستقالته

في خضمّ مهمّة الراعي الصعبة، ارتفع منسوب التحديات بعد تعرّضه في السنوات الأخيرة أيضًا لحملات من مؤسسة إعلاميّة محسوبة على حزب الله، مطالِبةً باستقالته. فالبطريرك الذي بدأ رحلة رئاسته الكنيسة المارونيّة بموقف ليّن تجاه الحزب، صعّد مواقفه تدريجًا، إذ سأل المجتمع الدولي إعلان حياد لبنان وهو نقيض مشروع حزب الله للبلاد. وطالب بعد انفجار مرفأ بيروت بـدهم جميع مخابئ السلاح ومخازنه المنتشرة بشكل غير شرعي بين الأحياء السكنية، ما أثار عاصفة من الردود ضدّه. كذلك، أصرّ البطريرك على حصريّة قرار الحرب والسلم في يد الدولة.

وبعد اندلاع المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في إثر حرب غزّة في أكتوبر/تشرين الأوّل 2023، نادى البطريرك بوقف الحرب. وندّد بتعطيل انتخاب رئيس للجمهوريّة بعد دخول هذا الموقع فراغًا دستوريًّا. 

وعلى الرغم من الضغط الإعلامي، لم يتراجع البطريرك الملتزم رعاية كنيسته المطوّقة بالأزمات. وبعد انتشار إشاعة عن إمكان استقالته في فترة سابقة أو لاحقة لرحلة البابا لاوون، لأسباب صحيّة، إذ بلغ اليوم 85 سنة، بقي ذلك محصورًا في التكهّنات. والأكيد أنّه يستعد اليوم لاستقبال البابا الذي سيخصّص للشبيبة أمسية صلاة في باحة الصرح البطريركي-بكركي.

البطريركيّة المارونيّة ومسيحيّو الشرق

بعدما أقام البابا بنديكتوس السادس عشر صلاة مماثلة عام 2012 في رحلته إلى لبنان، يأتي البابا لاوون حاملًا رسالة إلى شباب لبنان، ليلقيَها عليهم من بكركي التي تشكّل صوتًا بارزًا مؤثّرًا في صياغة السياسات الوطنيّة والتوافقية... وكان لها دور تاريخيّ في الدفاع عن استقلال لبنان وتعزيز مفهوم الدولة المدنيّة القائمة على الحرّية والديمقراطيّة.

وتقود البطريركية المارونية اليوم الكنيسة الأكبر في بلاد الأرز، إذ تدير مؤسسات تعليميّة وصحّية واجتماعيّة وإغاثيّة، وتتّسم ببُعد عالميّ نظرًا إلى انتشار مؤمنيها في مختلف القارّات.

وبذلك، يؤكّد وجود الراعي في خلال زيارة البابا أهمّية دوره في السنوات الماضية إذ يجسّد في شخصه تحدّيات الكنيسة المارونية وآمالها في السنوات الأخيرة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته