الجمعة 5 ديسمبر، 2025 تبرّع
EWTN News

جلّوف لآسي مينا: أدعو المغتربين إلى العودة والمشاركة في بناء سوريا

النائب الرسوليّ في حلب ورئيس الكنيسة اللاتينيّة في سوريا المطران حنا جلوف/ مصدر الصورة: آسي مينا

أوضح النائب الرسوليّ في حلب ورئيس الكنيسة اللاتينيّة في سوريا، المطران حنّا جلّوف، أنّ المسيحيّين في حلب واجهوا، منذ دخول قوّات المعارضة إلى المدينة، خوفًا وعدم يقين شعر بهما رجال الدين أيضًا. لكنّ هذا الخوف «بدأ يتلاشى تدريجًا بعدما لمس الناس أنّ القادمين ليسوا أعداء، بل جاؤوا لتحرير البلاد»، مضيفًا أنّ «المسيحيّين تأقلموا مع الواقع الجديد».

وأشار في حوار مع «آسي مينا» إلى أنّ «سوريا كانت منهارة على مختلف الصعد، الاقتصاديّة والسياسيّة والعسكريّة والاجتماعيّة»، لافتًا إلى أنّ دخول قوّات المعارضة كشَفَ زيف الشعارات التي رفعها النظام السابق لناحية حمايته المسيحيّين. وكشف جلّوف أنّ «النظام السابق كان يُقيّد الكنيسة حتّى في عظاتها واجتماعاتها، أمّا اليوم فقد بدأ الناس يتذوّقون معنى الحرّية».

حوار مع الجولاني 

استذكر جلوف اتّصاله الأوّل بزعيم «هيئة تحرير الشام» أبي محمّد الجولانيّ (الرئيس الانتقاليّ أحمد الشرع)، وقال: «عندما كلّمني سألني عن حال المسيحيّين، وأوصاني بإخبارهم بأنّ بيوتهم وكنائسهم وأملاكهم ستكون في مأمن. وطلبَ منّي -وكان عيد الميلاد على الأبواب- أن نُعيد احتفالاتنا وقرع أجراسنا وتزيين كنائسنا. وبالفعل، نُفِّذت الوعود، وعملت السلطاتُ على تنظيف الشوارع وحماية الكنائس».

وتابع: «الحكومة الحاليّة في سوريا تسعى إلى أن يكون للمسيحيّين كيان واضح ودور فاعل في المجتمع، أحد تجلّياته المؤتمر الوطنيّ الذي نُظّم قبل أشهر. فعندما نظِّم المؤتمر، اختير خمسة ممثّلين، بينهم سيّدة مسيحيّة. ووزارة الشؤون الاجتماعيّة والعمل اليوم تتولّاها وزيرة مسيحيّة، فضلًا عن وجود مسيحيّات يتولّين مناصب مرموقة في جامعة حلب». كذلك، بيَّنَ جلّوف أنّه استطاع إجراء تسوية لنحو 250 شخصًا من العسكريّين السابقين، والإسهام في الإفراج عن سجناء مسيحيّين، معتبرًا أنّ «الدولة الحاليّة تريد أن يكون المسيحيّون جزءًا أصيلًا من بنيتها».

رؤية حول الحُكم 

في ما يتعلّق بطبيعة الحكومة الجديدة، أشار جلّوف إلى أنّها ممتازة وتضمّ كفايات حقيقيّة وتعمل بجدّ لرفع راية البلاد. وأوضح أنّ «الخوف من أسلمة الدولة موجودٌ، وهو خوف مشروع، لكن لا يمكن أن تُحكَم سوريا بلون واحد، فهي فسيفساء من الأديان والطوائف، ولا بُدَّ من أن تُحكَم بالتعدّديّة».

وتابع أنّ «الأمن والأمان هما الهدف الأوّل»، مطالبًا المجتمعَ الدوليّ برفع العقوبات الاقتصاديّة التي تُرهق الشعب، لا الحكّام.

النائب الرسوليّ في حلب ورئيس الكنيسة اللاتينيّة في سوريا المطران حنا جلوف. مصدر الصورة: آسي مينا

دروس من التاريخ

عن تخوّف المسيحيّين من توتّرات مع الطوائف الأخرى، قال جلّوف إنّ «المسيحيّين ليسوا خائفين، بل هم حذرون». وتابع: «لسنا الأكثريّة ولا الأفضل. لكنّنا، كما قال المسيح، نور العالم وملح الأرض. اضطُهدنا عبر التاريخ ودفعنا الجزية وبقينا، وسنبقى».

وسرَدَ جلّوف تجربته مع تنظيم «داعش»، موضحًا أنّه عندما دخل عناصر التنظيم إلى إدلب، بقي مع 700 مسيحيّ واثنين من الرهبان الفرنسيسكان فقط من أصل عشرة آلاف مسيحيّ. وروى كيف التقى «أبا أيّوب التونسيّ» الذي تولّى منصب «الشرعيّ العامّ» لـ«داعش» في المنطقة، وتحدّث إليه بالنبرة القويّة نفسها، بلا خوف، قائلًا له بثقة: «أنا أبونا حنّا»، مؤكّدًا له أنّ الدير مكانٌ مقدّس لا يجوز دخوله بالسلاح. وأضاف أنّه عندما حاول أبو أيّوب دعوته إلى الإسلام، ردَّ عليه بدعوة مماثلة للعودة إلى جذوره المسيحيّة، مبيّنًا أنّ الحوار الصريح وضع حدًّا لمسألة دفع الجزية وسمح بمحاججةٍ رفَضَ فيها جلّوف أن تضع النساء المسيحيّات الحجاب، وهو حوار أدّى أيضًا إلى إعادة مخطوفٍ مسيحيّ.

مع الجولاني… وجهًا لوجه

أكّد جلّوف أنّه خُطِف وسُجِن مرّتَين بأيدي «جبهة النصرة»، لكنّه واصلَ الحوار على الرغم من ذلك. ففي العام 2022، التقى مجدّدًا أبا محمّد الجولانيّ، واصطحب معه خمسة عشر شخصًا من القرى المسيحيّة الثلاث (الجديدة، واليعقوبيّة، والقنية)، وطرحوا أمامه قضايا الأراضي والقتل والاعتداءات السابقة، مضيفًا: «قلتُ له: حتّى أنا خُطِفت وسُجِنت، فسألني: من خطفك؟ قلتُ له: جماعتك».

وأكمل: «هذه الشجاعة أوجدت بيننا نوعًا من الصداقة، ورأى أنّ المسيحيّين ليسوا خائفين، وأنّهم يشهدون لإيمانهم من خلال سلوكهم وأمانتهم، لا من خلال التبشير المباشر فحسب، لذلك يحترمهم، لأنّهم لا يكذبون ولا يسرقون، بل يخدمون كلّ إنسان».

رجاءٌ بالمستقبل 

في ما يتعلّق بالوجود المسيحيّ في سوريا اليوم، أوضح أنّ نحو 90% من الشباب المسيحيّين هاجروا رفضًا للتجنيد الإجباريّ وخشية التورّط في أيّ سفك للدماء. ورأى أنّ إلغاء التجنيد الإجباريّ حاليًّا سيكون دافعًا قويًّا لعودة الناس. ودعا السوريّين في الخارج إلى «العودة والمشاركة في بناء بلدهم، خصوصًا مع وجود آلاف الأطبّاء والاختصاصيّين الذين يُشكّلون ثروة بشريّة يمكن أن تعيد الحياة إلى البلاد».

وختم: «عندما توجَد مغفرة وعدالة، تسير البلاد نحو الشفاء. ونقول للدول الغربيّة: نحن متجذّرون في هذا الشرق، لا نريد مغادرته، ونطلب مساعدتكم لبناء البنية التحتيّة ورفع الحصار، لأنّنا مسؤولون كلّنا عن هذا البلد، وعلينا منحه فرصة جديدة للحياة».

اشترك في نشرتنا الإخبارية

في وكالة آسي مينا الإخبارية (ACI MENA)، يلتزم فريقنا بإخبار الحقيقة بشجاعة ونزاهة وإخلاص لإيماننا المسيحي حيث نقدم أخبار الكنيسة والعالم من وجهة نظر تعاليم الكنيسة الكاثوليكية. عند الإشتراك في النشرة الإخبارية لآسي مينا (الوكالة الكاثوليكية الإخبارية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا)، سيتم إرسال رسالة يومية عبر البريد الإلكتروني تحتوي على روابط الأخبار التي تحتاجونها.

اشترك الآن

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته