سفينة حبوب أوكرانيّة تتّجه نحو لبنان والكنيسة الكاثوليكيّة تطلق الصرخة

أهراءات القمح في لبنان أهراءات القمح في لبنان | Provided by: Rashid Khreiss/Unsplash

بعد توقيع الجانبَيْن الروسي والأوكراني في يوليو/تمّوز الماضي اتّفاقية تسمح بخروج سفن محمّلة بالحبوب من أوكرانيا وروسيا، إثر الحصار البحريّ الذي فرضه الجيش الروسي على أوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير/شباط الفائت، وإثر توقّف السفن الروسيّة عن تصدير منتجاتها بسبب العقوبات الغربيّة التي وقعت عليها، تنطلق أوّل شحنة محمّلة بالحبوب من أوكرانيا على متن سفينة تدعى «رازوني» إلى الأراضي اللبنانيّة. ويأتي ذلك في حين تنتظر الجهات الكنسيّة المعنيّة بالمساعدات الإنسانيّة الفرج بفارغ الصبر.

مغادرة سفينة أوكرانيّة مشبوهة

قبل وصول السفينة «رازوني» إلى لبنان، وصلت الأسبوع الماضي إلى مرفأ طرابلس في شمال لبنان سفينة تُدعى «لاوديسيا» ترفع العلم السوري، محمّلة بالطحين والشعير الأوكرانيّين. عندها، أعلنت السفارة الأوكرانيّة في لبنان عبر تويتر أنّ الطحين والشعير الموجودين على متن هذه الباخرة مسروق وأنها ستسعى جاهدة لتوزيع محتوى شحنة الباخرة على الأسواق اللبنانيّة التي تعاني شحًّا كبيرًا في هذه المواد.

وبحسب وزير الخارجيّة اللبناني في الحكومة المستقيلة عبد الله بو حبيب، فإنّ الدولة اللبنانيّة كانت قد تلقّت عددًا من الاحتجاجات الدوليّة عقب وصول هذه الباخرة. من جهته، حجز القضاء اللبناني على «لاوديسيا» الراسية في مرفأ طرابلس ليُعاد ويُسمح لها بعدها بالمغادرة. وفي الرابع من أغسطس/آب الحالي، أعلنت وزارة النقل السوريّة وصول «لاوديسيا» إلى مرفأ طرسوس.

الأهراءات المفقودة

إن تدمير أهراءات مرفأ بيروت في انفجار 4 آب 2020 حرم بلد الأرز من إمكانيّة تخزين القمح لفترة تتجاوز الشهر أو الشهرَيْن بعدما كانت هذه الصوامع تؤمّن له القدرة على التخزين لفترة خمسة أشهر. ووقع لبنان في دائرة الخطر مع اندلاع الحرب الروسيّة-الأوكرانيّة لأنّه كان يستورد حوالي 60 بالمئة من حاجته السنويّة من القمح من أوكرانيا، كما أعلن وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في فبراير/شباط الفائت، بينما كانت روسيا المورّد الثاني له. وكان مجموع القمح الأوكراني والروسي يوازي حوالي 80 بالمئة من وارداته العامّة السنويّة. 

طوابير الخبز

أزمة الخبز في لبنان تشبه قصّة إبريق الزيت، إذ تتتالى فصولها السوداء بعد بروزها منذ بداية الانهيار الاقتصادي والحديث الدائم عن رفع الدعم الكامل عنها، أسوةً بما حصل بالمشتقات النفطيّة.

وزادت الحرب الأوكرانيّة-الروسيّة الطين بلّة، فقلّت كميّات القمح والطحين الموجودة في الأسواق، واقتصر التوزيع على الأفران والمخابز في أحيانٍ كثيرة.

كما بيعت ربطة الخبز في السوق السوداء بسعر قد يتخطّى ضعف سعرها الحالي، ولم تخلُ بعض المخابز من اشتباكات بين المواطنين المتهافتين من أجل تأمين حاجتهم من الخبز.

مبادرات رعويّة نحو الفقراء

متحدّيةً الوضع المتأزّم في لبنان، تقوم رعايا كثيرة بمبادرات خاصّة من أجل توزيع الخبز على العائلات المحتاجة.

في هذا السياق، أفاد الأب لويس سعد، كاهن رعيّة مار جرجس القبيّات-غوايا، «آسي مينا» بأن الرعيّة قامت بمبادرات خاصّة في الماضي، وكانت توزّع 6 آلاف ربطة خبز مرّتين في الأسبوع على سبع قرى، من دون مساعدة أيّ جهة رسميّة.

وأشار إلى أن الوضع اختلف حاليًّا، وباتت الرعيّة تقدّم الخبز لخمس عائلات فقط، بتمويل خاصّ منها أو من أموال المغتربين، متمنّيًا أن يتمّ توزيع قسم من الحبوب على الرعايا لتوزّعها بدورها على الفقراء عند وصول الباخرة.

أزمة الخبز تحضر في عظات الراعي

في سياق متّصل، تناول البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظاته الأزمات التي ترخي بظلالها على وطن الرسالة أكثر من مرّة، نذكر منها مقتطف من عظته في الأحد الخامس من زمن العنصرة: «إنّنا مع المجتمع الدولي نندّد بلامبالاة المسؤولين عندنا وسوء حوكمتهم، وتسجيلهم نقاطًا على بعضهم البعض، فيما الشعب يبحث عن لقمة خبز ونقطة ماءٍ وحبّة دواء. إنها لجريمة كبرى أن تطغى لعبة المصالح الخاصّة في زمن الانهيار على مصلحة الدولة والشعب».

موقف الكنيسة الكاثوليكيّة من أزمة الرغيف

المزيد

في حين لعبت الكنيسة دورًا مهمًّا في توزيع المساعدات الإنسانيّة تزامنًا مع بداية الأزمة الاقتصاديّة التي عصفت بلبنان منذ أكتوبر/تشرين الأوّل 2019 وازدادت حدّة مع وصول جائحة كورونا، أطلقت جهات محليّة ودوليّة عدّة صفّارات الإنذار الإنسانيّة منبّهة من أنّ نسبة كبيرة من اللبنانيين قد سقطت تحت خطّ الفقر بسبب الأزمة.

توازيًا، طالب أساقفة الروم الكاثوليك في البيان الختامي للسينودس الذي عقدوه في يونيو/حزيران الماضي في روما من قادة لبنان: «أن يتعالوا فوق مصالحهم الشخصيّة وينظروا إلى مصلحة الوطن العليا، ويعملوا على تخفيف آلام الشعب الفقير والمحروم من أبسط سبل الحياة من غذاء ودواء وكهرباء».

بينما شدّد أساقفة كنيسة السريان الكاثوليك في البيان الختامي للسينودس الذي عقدوه في الشرفة-لبنان في يونيو/حزيران الماضي على ضرورة البدء بحلّ كل المشاكل الاقتصادية «في بلد غالبيّة سكانه اليوم يرزحون تحت مستوى خطّ الفقر».

كما جدّد الأساقفة الموارنة في السينودس السنوي الذي عقدوه في بكركي-لبنان في يونيو/حزيران الماضي وقوفهم إلى جانب أبنائهم وبناتهم المصابين بالفقر والعوز و«تقديم كل المساعدات الممكنة عبر مؤسّساتهم الكنسيّة المختصّة من بطريركيّة وأبرشيّة ورهبانيّة».

الشحنة المنتظرة

يُتوقّع أن تصل شحنة أوكرانيّة مؤلّفة من 26 ألف طن من الذرة إلى لبنان، بالتحديد إلى مرفأ طرابلس، على متن باخرة «رازوني» يوم الأحد 7 أغسطس/آب عند الساعة العاشرة صباحًا بالتوقيت المحلّي، بحسب ما أفاد متحدّث باسم السفارة الأوكرانيّة في لبنان. وقد تمّ استيراد هذه الشحنة لجهات خاصّة، ومن غير المتوقّع أن تُعطى الشرائح الأكثر فقرًا الأولويّة في توزيعها.

أمّا سبب توجّه الشحنة الأولى لباخرة القمح الأوكرانيّة إلى لبنان بالتحديد، فإنّ السفارة الأوكرانيّة في بيروت اعتبرت أنّ بلد الأرز كان إحدى الدول القليلة في المنطقة التي قامت بشجب الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي. كما اعتبرت أنّ لبنان في حاجة ماسّة للحبوب في الوقت الحالي بسبب نقص هذه المواد في البلاد.

(تستمر القصة أدناه)

 

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته