وفود شعبيّة متضامنة في الديمان والراعي: «توقيف المطران الحاج إهانة للكنيسة والبطريركيّة المارونيّة ولي شخصيًّا»

البطريرك الراعي ملقيًا كلمة بعد القدّاس على الوفود المتضامنة البطريرك الراعي ملقيًا كلمة بعد القدّاس الذي ترأسه في الديمان | Provided by: Maronite Catholic Patriarchate of Antioch

تداعت وفود شعبيّة عدّة من المناطق اللبنانيّة المختلفة للمشاركة اليوم صباحًا في القدّاس الذي ترأسّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في مقرّ البطريركيّة الصيفيّ في الديمان، دعمًا لمواقفه في ما يتعلّق بتوقيف المطران موسى الحاج.

وكانت الكنيسة المارونيّة قد أعلنت سلسلة من المواقف الشديدة اللهجة في الأيّام الأخيرة تبعًا لتوقيف المطران الحاج على معبر الناقورة الحدودي في جنوب لبنان. وقد تمّت مصادرة جواز سفره والمساعدات الإنسانيّة والأدوية والأموال التي كان يحملها معه إلى عائلات لبنانيّة عدّة، كما تمّ توقيفه لساعاتٍ ليُعاد إخلاء سبيله بعدها.

وشهد مقرّ البطريركيّة في الديمان اليوم وفودًا ذات حيثيّات سياسيّة واجتماعيّة وشعبيّة مختلفة أتت للمشاركة بالذبيحة الإلهيّة ودعم مواقف الراعي. وفي خلال الذبيحة الإلهيّة التي ترأسها البطريرك الماروني، ألقى عظةً قال فيها: «الكنيسة، بكلّ أبنائها وبناتها، ومؤسّساتها الروحيّة والرعويّة، التربويّة والاستشفائيّة، الإنسانيّة والإنمائيّة، وأجهزتها ومنظّماتها الاجتماعيّة تعمل لخلاص الإنسان بكلّ أبعاده. فباتت الكنيسة علامة رجاء للجميع». كما عبّر عن سعادته بالاحتفال بالقدّاس مع الوافدين من مختلف المناطق وبينهم أهالي شهداء تفجير مرفأ بيروت «الذين نحمل قضيّتهم في قلبنا وصلاتنا وعملنا اليوميّ وصولًا إلى الحقيقة الكاملة»، كما قال.

وأضاف الراعي أنّه يصلّي مع الحاضرين من أجل حماية الهويّة المسيحيّة وحريّة أبناء الله التي دافع عنها بطاركة الكنيسة المارونيّة القدّيسون في قعر وادي قنّوبين طوال 400 سنة، واعتبر أنّ الهويّة والرسالة المسيحيّتين اهتزّتا بسبب ما جرى على حدود لبنان الجنوبيّة مع التعرّض للمطران موسى الحاج.

وقال البطريرك إنّ «الرسالة في الدولة هي ممارسة السلطة السياسيّة والعمل السياسي والحزبي من أجل تأمين الخير العام على كل المستويات، وتعزيز الاقتصاد الوطني». كما أعلن أنّ الكنيسة لن تتخلّى عن إنسانيّة الإنسان وخدمته. وأضاف: «لقد آن الأوان لتغيير هذا الواقع الطافح بالأحقاد والكيديّات، والمكتَظِّ بالسلوكيّات المعيبة بحقّ القائمين بها أوّلًا. لا يُبنى لبنان ولا ينمو ولا يتوحّد بهذا النهج المنحَرِفِ عن قيم شعبه ومجتمعه وتاريخه. ويا ليتَ الذين يقترفون هذه السلوكيّات ويُفبرِكون الملفّات يتَّعظِون ممن سبقَهم، ومن تجارب الماضي القريب والبعيد التي أظهرت أن ما عدا الأمن والحريّة والمحبّة والكرامة لا يَنبُتُ في تربة لبنان، وأن ما عدا الصالحين لا يدخلون تاريخ لبنان الحضاريّ المشرّف».

وتابع الراعي: «عبثًا تحاول الجماعة الحاكمة والمهيمنة تحويل المدبَّر الذي تعرّض له المطران الحاج من اعتداءٍ سياسيٍّ والذي انتهك كرامة الكنيسة التي يمثّلها، إلى مجرّد مسألة قانونيّة هي بدون أساس لتغطية الذنب، بالإضافة إلى تفسيرات واجتهادات لا تُقنع ولا تُجدي. وإن كان هناك من قانون يمنع جلب المساعدات الإنسانيّة، فليبرزوه لنا».

واعتبر أنّ «من غير المقبول أن يخضع أسقف لتوقيف وتفتيش ومساءلة من دون الرجوع إلى مرجعيّته الكنسيّة القانونيّة، وهي البطريركيّة. وبهذا النقص المتعمّد إساءة للبطريركيّة المارونيّة، وتعدٍّ على صلاحيّاتها»، مضيفًا: «نحن نرفض هذه التصرّفات البوليسيّة ذات الأبعاد السياسيّة التي لا يجهلها أحد، ونطالب بأن يُعاد إلى المطران الحاج كلّ ما صودر منه: جواز سفره اللبنانيّ، وهاتفه المحمول، وكل المساعدات، من مال وأدوية، كأمانات من لبنانيّين في فلسطين المحتلّة والأراضي المقدّسة إلى أهاليهم في لبنان من مختلف الطوائف».

وشرح الراعي أنّ ما يقوم به المطران الحاج قام به أسلافه الأساقفة على مدى سنوات وما يجب أن يواصل القيام به في المستقبل. وذكر أنّ ما يقوم به راعي أبرشيّة هو الحفاظ «على الوجود المسيحي والفلسطيني والعربي في قلب إسرائيل، ويستحقُّ الإشادة به ودعمه لا التعرّض لكرامته ورسالته المشرّفة». وذكّر أيضًا أنّ «البطريركيّة المارونيّة صامدةٌ كعادتها على مواقفها وستُتابع مسيرتها مع شعبها، معكم أنتم الذين هنا والذين هناك، ومع سائر اللبنانيّين لإنقاذ لبنان بالاستناد إلى منطلقات الحياد الإيجابي الناشط واللامركزيّة الموسّعة وعقد مؤتمر دوليٍّ خاصٍّ بلبنان لبتّ المسائل المسمّاة ”خلافيّة“، ويعجز اللبنانيون عن حلّها». وقال إنّ البطريركيّة المارونيّة تُعاهد جميع اللبنانيّين كعادتها بالوقوف إلى جانبهم مهما عصفت التحدّيات واشتدّت الصعوبات.

وفي ختام الذبيحة الإلهيّة، وجّه البطريرك الماروني كلمة إلى الوفود، معتبرًا أنّ جميع البطاركة الموارنة تكلّموا اللغة عينها التي يتكلّمها اليوم. ورأى أنّ حضور الوفود معبّر وتوقيف المطران الحاج إهانة للكنيسة المارونيّة وإهانة للبطريركيّة المارونيّة وله شخصيًّا لأنّ القوانين تمنع توقيف أو تفتيش أسقف أو كاهن أو راهبة من دون استئذان البطريرك.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته