الأخت ديما تتحدث عن الرجاء المسيحي الذي عاشته في الحرب السورية

رهبان وراهبات دير مار موسى رهبان وراهبات دير مار موسى الحبشي (صورة من أرشيف 2018) | Provided by: Der Mar Musa Al-Habashi

الأخت ديما، من جماعة الخليل الرهبانية تتحدث، لموقع فاتيكان نيوز، عن خبرتها الحياتية، وعن الرجاء المسيحي الذي عاشته خلال وبعد فترة الحرب السورية التي امتدت لأكثر من عشرة أعوام. الأخت ديما تحمل الجنسية السورية وهي من محافظة حمص.

جماعة الخليل الرهبانية

تضم جماعة الخليل رجالًا ونساءً مسيحيين سوريين من كنيسة السريان الكاثوليك والكنيسة المارونيّة وغيرها. بلغ عددهم الأقصى سبعة أشخاص ومعهم رهبان متمرّنين، اتخذوا من دير مار موسى مركزًا لهم. تمارس هذه الجماعة طقوسها الدينية بشكل علني، وتسمح لجميع الزوار مشاركتها القداس الإلهي الذي يتم باللغة العربية وفق الطقس السرياني.

 لمحة عن الأب باولو مؤسس جماعة الخليل الرهبانية

أسس الأب باولو دالوليو جماعة الخليل الرهبانية عام 1991، واتخذ من دير مار موسى الحبشي مركزًا لها. عانى من بعض الصعوبات بسبب رغبته البقاء ضمن دير مار موسى، الأمر الذي يتعارض مع القانون الكنسي الذي يفرض على الرهبان التنقل من مكان لآخر.

خرج الأب باولو من الطريق الرهباني لمدة ست سنوات حتى لا يقع بخطيئة العصيان، مما أتاح له وللرؤساء الروحيين الفرصة للتفكير بتلك الأمور، وانتهت تلك المدة بنجاحه بإقناع الفاتيكان بجدوى بقاءه في الدير لتتم إعادة انتخابه كرئيس للرهبنة. تم اختطافه في شهر يوليو/تموز عام 2015، ولم يُعرف ما حدث له بعد ذلك.

المبادئ الثلاث لجماعة الخليل الرهبانية

1.       الصلاة، كما هو مكتوب في نص قواعدهم: »أتينا إلى الدير لا لنصلي وحسب وإنما لكي نصلي باستمرار. لهذا السبب، إن التواصل المستمر والواعي والعميق مع الله هو هدفنا وحقنا وواجبنا«.

2.    الحياة المكرسة للعمل اليدوي، الذي يُنظر إليه ويُعاش كطاعة للوصية التي أُعطيت للإنسان، بأن يعتني بالأرض ويشارك في الخلق.

3.       الضيافة الإبراهيمية، التي ألهمها لهم النبي إبراهيم عندما استقبل الله في خيمته. فهم يرون الله في كل شخص يأتي لزيارتهم، وهذه الضيافة تجد معناها الأعمق عندما يكونوا قادرين على استقبال الآخر في صلاتهم.

الخبرة الحياتية التي عاشتها الأخت ديما في زمن الأزمة السورية

تحدثت الأخت ديما عن الدعوة إلى الحوار المسيحي الإسلامي، الذي يعتبر ضرورة في الوقت الحالي بنظرها. قالت: «إن الأفق الذي تنفتح عليه حياتنا هو الحوار المسيحي الإسلامي، فنحن نريد أن نكرس أنفسنا لنقل محبّة يسوع المسيح للمسلمين كأشخاص، وللعالم الإسلامي كجماعة. في الواقع، نحن نريد أن نقدّم حياتنا لكي نجعل خميرة الإنجيل حاضرة في مجتمع يتّصف بالأغلبية المسلمة. كما ورد في قانون جماعتنا، "إن روح التمييز والرجاء والمحبة قادر على تحويل آلام الأمس واليوم إلى تفاهم وحب واحترام متبادلين في الاعتبار"».

أكملت الأخت ديما حوارها عن الخبرة الحياتية التي عاشتها في زمن الأزمة السورية، حيث بدت الدعوة للحوار المسيحي الإسلامي جنونًا، وقالت: «اختبرنا يومًا بعد يوم هذا الطريق، لنكتشف أنه المخرج الوحيد نحو عالم يسوده السلام. كان ديرنا مقصدًا لكثير من الحجاج الذين يرغبون إرضاء فضولهم الثقافي، وإشباع عطشهم الروحي. لكنَّ الحرب تركت آثارها على هذه الحركة، وشعرنا بالدعوة للنزول إلى المدينة لمساعدة المحتاجين. وفي العام 2013، في ملجأ تحت الأرض، احتفلت الجماعة بقداس عيد الميلاد بعد تدمير الحي المسيحي في المدينة الأقرب للدير "النبك". بعد ذلك، بدأت عملية ترميم هائلة للمنازل وفي العام نفسه أيضًا، لجأت العديد من العائلات المسلمة إلى دير مار إليان، وهو دير في مدينة قريتين، عُهد به إلى جماعتنا منذ عام 2000».

تابعت ديما لفاتيكان نيوز قائلةً: «إنَّ الأخبار القليلة التي كنا نسمعها عن الوضع السوري هي دائمًا عن الحرب، وعن الألم الذي يخترق قلوب المسيحيين السوريين والأزمة تستمر. لكننا طوال سنوات الحرب استطعنا أن نلمس رحمة الرب التي تظهر في التضامن بين الإخوة والمشاركة في الصلوات ورؤية الشباب المسيحيين والمسلمين يخدمون المحتاجين بحماس وفرح وتلاوة صلاة المسبحة الوردية في المنازل بينما القتال على الأبواب والاستماع إلى جوقة من الأطفال ومعرفة أن العديد من الأصدقاء المسلمين يهتمون ويصلّون من أجل السلام ويدينون جميع أنواع العنف. أدّت جميع هذه الأمور إلى ظهور نور رجاء وفي بعض الأحيان، كان يكفي أن نرى كيف كان الناس البسطاء يمضون قدمًا في الحياة، يؤمنون بالله ويرجون مستقبلًا أفضل لكي يلتقطوا أنفاسهم ويستمروا في السير في درب الرجاء الضيِّق».

ختمت الأخت ديما بقولها: «يعلّمنا البابا فرنسيس في الإرشاد الرسولي أننا "نصبح بشرًا عندما نكون أكثر من بشر، عندما نسمح لله بأن يقودنا إلى ما هو أبعد من ذواتنا. لكي نصل إلى حقيقة كياننا". لنحاول أن نكون أكثر إنسانية في زمن الحرب، مما يسمح لنا بالدخول في دائرة الحب التي لا تعرف حدودًا، والقادرة على تغيير العالم وجعل بذور الملكوت تتفتح على هذه الأرض، الآن وليس في المستقبل البعيد، أما أنا يمكنني أن أصرخ بكل ثقة بأن بعض السوريين قد دخلوا في دائرة الحب هذه».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته