يوليو: شهر عبادة دم يسوع الثمين

«الصلب» للفنّان رافاييل «الصلب» للفنّان رافاييل | Provided by: Wikipedia

تُكرّس الكنيسة الكاثوليكية عمومًا واللاتينية خصوصًا شهر يوليو/تموز من كل عام لعبادة دم يسوع الثمين. وهي العبادة التي قام بتأسيسها الأسقف فرانشيسكو ألبرتيني (1770-1819) عام 1808 في كنيسة القديس نيقولا في روما. وقد ثبتها البابا بيوس السابع في العام التالي. وكان هدفها الأساسي عند نشأتها تعزيز الثقافة الدينية وعيش أسرار الكنيسة والقيام بأعمال الرحمة.

في العام 1815، صارت الأخوية إرسالية تبشيرية، على يدّ تلميذ ألبرتيني وابنه الروحي، الكاهن القديس غاسبار ديل بوفالو (1786-1837). وهذا الأخير مارس نشاطه التبشيري في ظروف سياسية غاية في الصعوبة (فترة صعود نابليون بونابرت)، حيث تعرض للنفي والسجن أكثر من مرة.

وفقا لتصور القديس بوفالو، كان على الإرساليّة أن تضم كهنة وعلمانيين مؤمنين، وبالتالي لم يكن الأعضاء ملزمين بنذور دينية، إنما كان يجمعهم رابط الصداقة والحياة المشتركة. ولعل أهم إنجازات الحركة في بدايات تأسيسها هي افتتاحها لبيوت إرسالية كثيرة في وقت قياسي.

وحصل هذا نتيجةً لتفاني القديس، ولبلاغته الكبيرة في المخاطبة حيث وصف معاصروه عظاته بالزلزال الروحي. أضف إلى تلك الإنجازات، الإصلاحات الأخلاقية التي قام بها في المناطق التي كانت تعاني من قطّاع الطرق، وكثرت فيها أعمال النهب والسرقة، بتكليف خطّي ورسمي من البابا بيوس السابع في العام 1821.

في العقد التالي، تم اختيار العديد من أعضاء هذه الإرسالية كأساقفة للأبرشيات الإيطالية. كما أَسّست في تلك الفترة القديسة ماريا دي ماتياس - بتشجيع ودعم من القديس بوفالو نفسه - أخويّة الراهبات المتعبدات لدم المسيح.

جدّدت الإرسالية روحانيتها بشكل مستمر. وكان التجديد الأهم في أعقاب المجمع الفاتيكاني الثاني. أما اليوم، فإن أهم موضوعاتها تتمثل ببناء المجتمع، وخدمة المحتاجين، ومركزية الإفخارستيا، والعمل على المصالحة الشخصية والمجتمعية. تتلخص رؤيتهم بما قاله يسوع: «يس لأحد حب أعظم من هذا: أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه.»

انتشرت هذه الإرسالية في أوروبا وأمريكا. وازدادت شعبيّتها بشكل كبير في أفريقيا وخاصة في نيجيريا بسبب رئيسها الروحي الأسقف آيو ماريا أتويوبي، والرسائل السماوية التي أُعطيت لصبي نيجيري بعمر المراهقة يدعى برناباس نوويي بين عامي 1995 – 2003 والتي أُرسِلت إلى البابا القديس يوحنا بولس الثاني. فاستقبل هذا البابا بدوره الذين كرسوا أنفسهم لتلك العبادة، مبينًا في حديثه لهم أنّ دم المسيح المُراق هو أثمن مصدر لخلاص العالم، وهو العلامة الأكثر بلاغة التي تشهد للحب الإلهي الأسمى للبشرية.

لم يقتصر الاهتمام بعبادة دم يسوع الثمين على البابا يوحنا بولس الثاني. إنما كان قد سبق فلاقى العناية والرعاية من عدد كبير من الباباوات فبعد البابا بيوس السابع، نرى في القرن التاسع عشر اهتمام  البابا بيوس التاسع والبابا لاوون الثالث بها. حيث منح هذا الأخير بركته الخاصة لأعضائها وذلك في المنشور الصادر عنه في 30 سبتمبر/أيلول 1886[4]. أمّا في القرن العشرين شجّع على هذه العبادة الباباوات بيوس العاشر وبيوس الحادي عشر وبيوس الثاني عشر – الذي أعلن عام 1954 قداسة بوفالو – وكذلك يوحنا الثالث والعشرون الذي قام بزيارة خاصة إلى كنيسة سانتا ماريا في تريفيو عام 1963، حيث يرقد جثمان القديس بوفالو. وكان قبلها بثلاثة أعوام، قد وجه يوحنا الثالث والعشرون رسالة مهمة وشهيرة إلى متعبدي دم يسوع الثمين.

أخيرًا يجب أن نذكر أنّ الكنيسة الكاثوليكية كانت قد خصصت يومًا محددًا لعيد دم يسوع، إذ كان يُعيّد في الأحد الأول من شهر يوليو/تموز في القرن التاسع عشر. ثمّ، تم تحديده في الأول من الشهر عينه مع البابا بيوس العاشر.

وبعد المجمع الفاتيكاني الثاني، تم دمج عيد الجسد، الذي يقع في شهر يونيو/حزيران، وعيد الدم المقدّس في عيد واحد، فأصبح «عيد جسد المسيح ودمه». يقع هذا العيد يوم الخميس، أو يوم الأحد، الذي يلي أحد الثالوث المقدس بحسب الطقس اللاتيني. أمّا عيد الدم كعيد على حدة بقي حيًّا فقط في الأراضي المقدسة، وتحديدًا في بازيليك جثسيماني. وجثسيماني هو البستان الذي صلّى فيه يسوع، في الليلة التي سبقت صلبه. حيث يخبرنا إنجيل لوقا: «... وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض.»

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته