البابا فرنسيس: «الشيخوخة جمال فريد، إنّها سير نحو الأبديّة»

البابا فرنسيس خلال المقابلة العامّة الأسبوعيّة في 8 يونيو/حزيران 2022 البابا فرنسيس خلال المقابلة العامّة الأسبوعيّة في 8 يونيو/حزيران 2022 | Provided by: Daniel Ibáñez / CNA

أجرى اليوم البابا فرنسيس المقابلة العامّة الأسبوعيّة في ساحة القدّيس بطرس الفاتيكان مكمّلًا سلسلة التعليم في الشّيخوخة. وقد شرح اليوم عن شخصيّة نيقوديمُس في إنجيل يوحنّا، تحت عنوان: «كَيفَ يُمكِنُ الإِنسانَ أَن يُولَدَ وهوَ شَيخٌ كَبير؟» (يوحنا 3: 4).

بدأ البابا تعليمه اليوم بتحيّة الشعب كالمعتاد متمنّيًا «صباح الخير». بعدها قال أنّ نيقوديموس هو من أهمّ الشخصيات المتقدّمة في السنّ في الأناجيل ومعه: «ظهر محورُ وحيّ يسوع ورسالته الفدائيّة، عندما قال: "فإِنَّ اللهَ أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة" (يوحنّا 3: 16)».

شرح البابا بعدها البابا أنّ قول يسوع لنيقوديمُس: «"من أجل أن ترى ملكوت الله" تحتاج أن "ُولَدَ مِن عَلُ" (راجع الآية 3) لا يعني أن نبدأ من جديد فنُولَدَ مرة ثانيّة، وأن نكرّر مجيئنا إلى العالم، ونأمل بتقمّص جديد يفتح أمامنا فُرَصة حياة أفضل». وهذه الولادة من عَلُ هي ولادة بالروح، هي ولادة جديدة بنعمة الله. و«هذا لا يعني أن نولد من جديد ولادة جسديّة مرّة أخرى» كما أكّد الأب الأقدس.

أساء نيقوديموس فهم كلام يسوع، كما شرح البابا، وتسائل كيف يمكن أن تتمّ ولادة أمام الشيخوخة الواضحة؟ لكن هذا الاعتراض يعطينا تعليم مهمّ لنا، بحسب قول الأب الأقدس، فهو يسمح لنا أن نكتشف أنّ الشيخوخة، كما شيخوخة نيقوديموس، ليست عقبة أمام الولادة من عَلُ على ضوء كلمة المسيح بل الوقت المناسب لإلقاء الضوء عليها. وأضاف البابا أنّ: «عصرنا وثقافتنا، يبيّنان اتجاهًا مقلقًا حين تُعتَبَر ولادة طفل وكأنّها فقط مسألة إنتاج للكائن البشريّ وولادة بيولوجيّة، ثمّ ينميّان أسطورة الشّباب الأبدي، مِثلَ هَوَسٍ - يائسٍ – يؤمن بجسد غير قابل للفساد». وقال أنّ الشيخوخة تُحتقر في العديد من الأحيان لأنّها تنفي هذه الأسطورة.

وذكّر البابا بكلمات: «الممثّلة الإيطاليّة الحكيمة، ماغناني، عندما قالوا لها إنّ عليهم أن يزيلوا تجاعيدها، قالت: "لا، لا تلمسوها! لقد استغرق الأمر سنوات عديدة لتتشكّل: لا تلمسوها!"». «التجاعيد رمزٌ للخبرة، ورمزٌ للحياة، ورمزٌ للنّضج، ورمزٌ أنّنا سرنا في مسيرة»، شرح البابا. فما يهمّ هو شباب القلب وليس شباب الوجه. وهو شباب النبيذ الجيّد الذي يصبح أفضل كلّما تعتّق.

وشرح أيضًا البابا أنّ الحياة في الجسد الفاني جمال شديد لكن غير تام. فجمال بعض الأعمال الفنيّة هو بالتحديد في عدم كمالها. والإيمان يجعلنا: «قادرين حقًا على رؤية العلامات الكثيرة لاقتراب رجائنا في تحقيق العلامة التي نحملها في حياتنا، والتي تشير إلى توجهنا إلى أبديّة الله»، كما قال البابا.

فالشيخوخة، بحسب البابا: «لا تنقل الحنين إلى ولادة في الزمن، بل تنقل الحبّ للمصير النهائي. من هذا المنظور، للشّيخوخة جمال فريد: إنّها سَيرٌ نحو الأبديّة». فالطاعن بالسنّ يسير نحو المصير، نحو سماء الله مع الحكمة التي عاشها في حياته. من هنا اعتبر البابا أنّ الشيخوخة وقت خاصّ لتحرير المستقبل من: «الوهم التكنوقراطي في البقاء على قيد الحياة بصورة بيولوجيّة وآليّة، وبشكل خاص لأنّها تنفتح على حنان رحم الله، الرّحم الخالق والمولّد». وركّز البابا على حنان الطاعنين بالسنّ الذين يفتحون الباب بحنانهم لفهم حنان الله. ودعا الحبر الأعظم في الأخير لئلا: «نَنس أنّ روح الله هو قُرب ورحمة وحنان». فرسالة الشيخوخة، بحسب شرحه، تساعدنا على الولادة من عَلُ. من هنا «كبار السّنّ هم رُسُل المستقبل، ورُسُل الحنان، ورُسُل الحكمة لحياة قد عاشوها. لنمضِ قُدُمًا ولننظر إلى كبار السّنّ».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته