طقوس شعبيّة ترافِق الاحتفالات الكنسيّة بعيد ارتفاع الصليب في العراق

بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب | مصدر الصورة: رودي شير/آسي مينا

مُستنيرين بالآية المقدّسة «فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِندَ الهَالِكِينَ جَهَالَةٌ، وَأَمَّا عِندَنَا نَحنُ المُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله»، يحتفل مسيحيّو العراق بعيد ارتفاع الصليب المقدّس بطقوسٍ تقويّة شعبيّة ترافق الاحتفالات الليتورجيّة الكنسيّة. 

يشرع المسيحيّون بتزيين بيوتهم بصُلبان مضاءة بمصابيح منذ مطلع سبتمبر/أيلول، وتبقى كذلك حتى نهايته في غالبيّة الأحيان، علامةً على الافتخار بالصليب ورغبةً في إضفاء بركته على البيت وأهله، كما قال سبي خوراني، رئيس منظّمة شقلاباد، في حديثه عبر «آسي مينا».

يُفضِّل عددٌ من العائلات أن يتشارك أفرادها في تصنيع صليبٍ من الخشب، على غرار الصليب المقدّس، ثمّ تزيينه بالنشرات الضوئيّة، فيستغلّ الآباء ذلك ليرووا لأولادهم قصّة الملكة هيلانة واكتشافها خشبة الصليب، وكيف أخذه الفرس إلى بلادهم غنيمةً ثمّ أعاده الملك هرقل إلى أورشليم. من جهته، يقترح خوراني نماذج أخرى.

بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب. مصدر الصورة: سبي خوراني
بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب. مصدر الصورة: سبي خوراني

صلبان مضاءة

في شقلاوا الساحرة، يعمل خوراني على صنع الصلبان المضاءة، ويشرح: «لطالما اعتاد مسيحيّو شقلاوا رفع الصلبان على بيوتهم مع اقتراب الاحتفال بعيد الصليب، فبرزت لديّ فكرة عمل نماذج جاهزة لأشكال مختلفة من الصلبان لتكون في متناول من لا يجد وقتًا لعمل صليب يَدويّ، كما أنّ أشكالها الجميلة المتميّزة تجذب كثيرين لاقتنائها». 

ويتابع: «بعض الصلبان أصنعه من الخشب، لكن الغالبيّة تكون من مادة معدنيّة لتكون أكثر قوّة واحتمالًا، وأستغرِق قرابة يومٍ كامل في إعداد صليب واحد، وأجتهد ليكون بمتانة عالية وألوان زاهية تتوافق مع بهجة عيد الصليب».

بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب. مصدر الصورة: سبي خوراني
بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب. مصدر الصورة: سبي خوراني

القدّيسة هيلانة وإشعال النار 

تشهد ليلة العيد احتفالاتٍ متميّزة في مدن وبلدات مسيحيّة عدّة في العراق، إذ يتجمهر المحتفلون ويشرع إطلاق الألعاب الناريّة وإيقاد شعلة عيد الصليب، على مثال الملكة هيلانة التي يذكر التقليد أنّها فور عثورها على الصليب أمرت بإشعال النار من قمة جبل إلى آخَر لكي يصل الخبر إلى ابنها الإمبراطور قسطنطين في القسطنطينية.

كانت لشقلاوا احتفالاتها بالمناسبة، إذ «شهدت بلدتنا تنظيم مهرجانٍ خاصٍّ بعيد الصليب منذ تسعينيّات القرن الماضي، يتضمّن أنشطةً عدّة كالماراثون ومسابقات كرة القدم والشطرنج وبعض الألعاب الشعبيّة وسوقًا خيريًّا للمأكولات والمشغولات اليدويّة وفعاليّات أخرى تنظّمها اليوم منظمة شقلاباد».

يختلف الاحتفال بعيد الصليب اليوم في شقلاوا عن السنوات الماضية التي تميّزت بالبساطة والعفويّة، كما «لم تكن الألعاب الناريّة دارجة حينئذٍ، لكنّ العادة كانت أن توقد كلّ عائلة شعلة نارٍ صغيرة أمام بيتها ويتسابق الأطفال للقفز من فوقها».

جدير بالذكر أنّ أبرشيّات ورعايا عدّة اعتادت منذ سنوات تنظيم مسابقاتٍ لأجمل صليب بمشاركة أبنائها، وكثيرون ممَّن يزيّنون بيوتهم بصلبان مضيئة يجتهدون في إضافة مزيدٍ من الأنوار والتفاصيل إكرامًا للصليب وسعيًا إلى الفوز في المسابقة.

بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب. مصدر الصورة: سبي خوراني
بيوت شقلاوا تتزيَّن احتفالًا بعيد الصليب. مصدر الصورة: سبي خوراني

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته