كنيسة سيستين... حيث يهمس الروح بين ألوان اللوحات

إعداد كنيسة سيستين لانتخاب خَلفٍ للبابا فرنسيس في مايو/أيّار 2025 إعداد كنيسة سيستين لانتخاب خَلفٍ للبابا فرنسيس في مايو/أيّار 2025 | مصدر الصورة: فاتيكان ميديا

تُعَدّ كنيسة سيستين أحد أشهر المعالم الفاتيكانيّة، إذ تروي جدرانها قصّة قرون من الفنّ، وعنها سَرَدَ التاريخ تفاصيل كثيرة في كتبه. هي ليست مجرّد صرح ثقافيّ، بل إنّها ملجأ إيمانيّ يؤدّي دورًا أساسيًّا في حياة الكنيسة.

يشتَقّ اسم الكابيلا من البابا سيكستوس الرابع دلّا روفيري الذي أمر بين عامي 1477 و1480 بترميم كنيسة قديمة في ذلك المكان. وأُسنِدَت مهمّة تزيينها إلى رسّامين كبار، أمثال بييترو بيروجينو وساندرو بوتيتشيلي ودومينيكو غيرلاندايو وكوزيمو روسيلي. وقد غُطِّيَت الجدران بمشاهد من حياة موسى والمسيح وصور للبابوات. أمّا السقف فزيّنه حينها بيير ماتيو داميليا بسماء مرصَّعة بالنجوم. وفي العام 1483، كُرّست الكنيسة على اسم العذراء سيّدة الانتقال.

دور مايكل أنجلو

في مطلع القرن السادس عشر، قرّر البابا يوليوس الثاني تغيير جزء من اللوحات الجداريّة، فأوكل المهمّة إلى مايكل أنجلو بوناروتي. ورسم المبدع بين عامي 1508 و1512 السقف من جديد، وخَلَّد عليه تسعة مشاهد تروي قصّة التكوين، من خلق العالم حتّى الطوفان وتَجَدُّد البشريّة من خلال أسرة نوح، ولعلّ أشهرها خلق آدم. أمّا بين اللوحات فظهر الأنبياء. وفي الزوايا، مشاهد تُظهر كيف خلَّص الربُّ شعب العهد القديم.

إعداد كنيسة سيستين لانتخاب خَلفٍ للبابا فرنسيس في مايو/أيّار 2025. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا
إعداد كنيسة سيستين لانتخاب خَلفٍ للبابا فرنسيس في مايو/أيّار 2025. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا

وفي عهد البابا كليمنت السابع دي ميديتشي، كُلِّف مايكل أنجلو من جديد تزيين الجدار خلف المذبح. فلوَّن بوناروتي مشهدًا عن الدينونة الأخيرة، بين عامي 1536 و1541، صار أحد أشهر اللوحات عن هذا الموضوع في العالم. ويمكن في هذه الدينونة رؤية تفسير فنّي لنصوص العهد الجديد عن عودة المسيح المجيدة.

«مزار لاهوت الجسد البشريّ»

عبر القرون، حصلت تدخُّلات أخرى، مثل إعادة رسم الجدار عند المدخل في القرن السادس عشر، وأعمال ترميم كبرى بين عامَيْ 1979 و1999. وسنة 1994، ذكّرَ البابا يوحنا بولس الثاني بأنّ هذه الرسوم الجداريّة كتابٌ يُجسّد حقائق الكتاب المقدّس. ووصف يوحنّا بولس الكنيسة بأنّها «مزار لاهوت الجسد البشريّ»، إذ فيها يبدو بشكل مرئيّ جمال الله غير المرئيّ وخلق الإنسان.

لا تزال سيستين اليوم موضعًا ليتورجيًّا أساسيًّا للكنيسة الكاثوليكيّة. ففيها يُعقد الكونكلاف، المَجْمَع الانتخابيّ للبابوات، وأمام جداريّة الدينونة الكبيرة يُدلي كلّ كاردينال بصوته للبابا الجديد في الجرن المخصّص لذلك. وبحسب تعبير يوحنّا بولس الثاني، يحتفظ هذا المكان بذكرى عمل الروح القدس، قائد الكنيسة الذي يختار خليفة بطرس خدمةً لشعب الله.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته