هل اختلاق الشائعات خطيئة؟

الكذب والافتراء والنميمة والتهم الباطلة أصبحت مستَسهَلة الكذب والافتراء والنميمة والتهم الباطلة أصبحت مستَسهَلة | مصدر الصورة: Tero Vesalainen/Shutterstock

يُعلّمنا الكتاب المقدّس أنّ الله خلق الإنسان والحيوان والأحياء من تراب، لكنّه ميّز الإنسان بالنُطق، نعمةً ومسؤوليّةً، فَعَبْره يتواصل مع الآخرين ويُعبّر عن مشاعره ويفصح عن رؤياه للحياة.

مع تعاظم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وسهولتها، أصبح الإنسان أمام تحدٍّ عظيم: كيف يستخدمها في الخير، متجنّبًا السقوط في الخطيئة؟ فالكذب والافتراء والنميمة والتهم الباطلة أصبحت مستَسهَلة، ونشر الأباطيل وأنصاف الحقائق دون أسانيد أو دلائل، ووضعها بين أيدي قاصري الفهم لينشروها قبل التحقّق من صحّتها، غدا مألوفًا. أمّا التفكير في ما قد يخلّفه من ضحايا أبرياء، فغائبٌ تمامًا، وتقصّي خطورة الأكاذيب والشائعات في إشعال الأزمات العائليّة أو الحروب الدوليّة، منعدم، كما يشرح المطران بشّار متّي وردة، راعي إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة، في حديثه لـ«آسي مينا».

المطران بشار وردة. Provided by: Franciscan University of Steubenville
المطران بشار وردة. Provided by: Franciscan University of Steubenville

وقال إنّ المشتركين في اختلاق الشائعات وتصديقها وتداولها يعبّرون عن معاناتهم قصورًا نفسيًّا، وعوض مواجهته والسعي إلى إصلاحه، يهربون عبر مهاجمة الآخرين والانتقاص منهم، لافتقادهم الثقة بإمكان قبول الآخرين لهم كما هم.

وتابع: «يفقد ضحيّة الشائعة هو الآخَر الثقة بالمجتمع، ويتراجع تلقائيًّا عن التزاماته تجاهه، منكمشًا  على ذاته، رافضًا العيش بين أناس تنهشه، فيخسر المجتمع خدماته. والكنيسة، رغم قدسيّتها، عانت هذه الآفة كما كتب بولس الرسول لكنيسة غلاطية: «فإِذا كُنتُم تَنهَشونَ وتَأكُلونَ بَعضُكم بَعضًا، فاحذَروا أَن يُفنِيَ بَعضُكم بَعضًا».

«يعلّمنا الإنجيل أنّ "الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ"، لنفهم أنّ هذه الظاهرة تكشف الدوافع الحقيقيّة لمتعاطيها وعالمه الحقيقيّ الشرير والنجس. ونصلّي إلى الله ليُبقي قوّة روحه فاعلةً في حياتنا فتتطهَّر قلوبنا، مردّدين مع المزمِّر: "لِتَكُنْ أَقوالُ فَمي وخَواطِرُ قَلْبي مَرضِيَّةً لَدَيكَ أَيُّها الرَّبُّ صَخرَتي وفادِيَّ"».

وشدّد وردة على حاجة شبابنا إلى القراءة والاطلاع ليتعلّموا ثقافة الحوار والنقد البنّاء، ولينشأوا على الصراحة والمكاشفة ويتعلّموا تبنّي التحليل العقلانيّ والموضوعيّ وتفحّص المتداوَل من الآراء، لتأتي أحكامهم نزيهةً بعيدة من الأهواء الشخصيّة، ومتّزنة تخلو من نيّات ودوافع أنانيّة.

وختم وردة: «أعطانا الله عينَين وأذنَين ويدَين، وخصّنا بفمٍ واحدٍ، لنرى ونسمع ونعمل ضعف ما نتكلّم. وما زال يدعونا لنتلقّى التعليم والإرشاد بتواضع، فنكتشف ما فينا من أنانيّة ومشاعر سلبيّة، ونقضي عليها قبل أن تقضي على قريبنا، متذكّرين وصيّته: "لا تَنقُلْ خبرًا كاذِبًا، ولا تَضَعْ يَدَكَ مع الشِّرِّيرِ لِشَهادةِ زُور. لا تَتَبعِ الكَثيرينَ إلى فِعْلِ الشَّرّ، ولا تُحَرِّفْ وأَنتَ تَشهَدُ في الدَّعاوى، مائلًا جِهَةَ الكَثيرين».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته