لماذا تعتبر الكنيسة الكاثوليكيّة الانتحار خطيئة جسيمة؟

شخص يغرق في البحر صورة تعبيريّة تمثّل شخصًا يغرق في البحر | Provided by: Stormseeker via Unsplash

في مواضع عدّة، يخبرنا الكتاب المقدّس عن أشخاصٍ أعلنوا رغبتهم في الموت لكنهم لم يتجرأوا على إنهاء حياتهم، على سبيل المثال إعلان موسى رغبته في أن يُقْتَلَ حينما ثَقُلَ عليه حمل الشعب (عد 11: 10-15)، وطلب إيليّا أن يأخذ الله نفسه منه (1 مل 19: 4)، وطلب يونان أيضًا (يون 4: 3-8). لكن يهوذا الإسخريوطي أنهى حياته حينما «طَرَحَ الفِضَّةَ فِي الهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ، ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ» (مت 27: 5).

أسئلة كثيرة تُطرح في ما خصّ وضع الأشخاص أنفسهم الحدّ لحياتهم، منها: لماذا تعتبر الكنيسة الكاثوليكيّة الانتحار خطيئة كبيرة؟

في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أكد الأب بشار باسل أن الانتحار يُعَدُّ خطيئة جسيمة، بحسب تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة، فهي ترفضه رفضًا قاطعًا، فضلًا عن كونه مرفوضًا من الناحية الأدبيّة.

وأوضح أن الانتحار يتّخذ صفة «القتل» بغضّ النظر عن الظروف المحيطة بالإنسان، مهما كانت بائسة، فحياة الإنسان مقدّسة لأنها تمثّل عمل الله الخلّاق منذ البدء، فضلًا عن أن البشر وكلاء وليسوا أصحاب الملك بالنسبة إلى الحياة التي أودعهم الله إيّاها، وبالتالي، فإنّهم لا يمتلكون حقّ التصرّف بها.

وأشار إلى أن الانتحار ينطوي على تخلّي الإنسان عن واجبات العدالة والرحمة تجاه القريب، رافضًا سيادة الله المطلقة على الحياة والموت، مبيّنًا الأساس اللاهوتي الذي تستند إليه الكنيسة أخلاقيًّا لرفض الانتحار لأن الإنسان قد خُلِقَ على صورة الله ومثاله (تك 1: 26). واستنتج أن العهد القديم قد حرّم أيضًا الانتحار باعتبار كل إنسان مسؤولًا عن حياته أمام الله مانحها.

لا يأس من الخلاص الأبدي

اعتبر الأب باسل أن الانتحار تعبير عن مرحلة اليأس النهائي وفقدان الأمل والرجاء، والتي قد يصل إليها الإنسان حينما تنعدم الثقة بالربّ، مؤكدًا أن هذه الثقة تحرّر الإنسان وتنجّيه من ارتكاب خطيئة الانتحار.

وقال إن القديس توما الإكويني لخّص الأسباب التي توضح عدم مشروعيّة الانتحار إطلاقًا في أن الإنسان كائن يحبّ نفسه بطبيعته، وأن انتحاره يُعتبر ضدّ هذا الميل الطبيعي والمحبّة الواجبة للنفس. من جهةٍ أخرى، فكل إنسان مرتبط بجماعة تحيط به كالأهل والأصدقاء، وهو يقطع رباط التضامن الذي يجمعها عند انتحاره. والأهمّ من كل ذلك أن الحياة هي عطيّة من الله للإنسان وتمثّل سيادة الله الذي يُميت ويحيي، فالذي ينتحر يخطئ ضد الله.

وختم الأب باسل حديثه عبر «آسي مينا»، مشيرًا إلى أن التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة يدعونا إلى وجوب «ألا نيأس من خلاص الأشخاص الأبدي، إذا ما انتحروا، فالله يستطيع أن يهيّئ لهم، بالطرق التي يعلمها، الظرف الملائم لندامة تخلّصهم. والكنيسة تصلّي لأجل الأشخاص الذين اعتدوا على حياتهم الخاصّة» (التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة، الانتحار، رقم 2283).

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته