مؤتمر "واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق"، كلمة للأنبا باخوم النائب البطريركي لشؤون الإيبارشية البطريركيّة بمصر

واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق | Provided by: The Catholic Media Office in Egypt
واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق | Provided by: The Catholic Media Office in Egypt
واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق | Provided by: The Catholic Media Office in Egypt

انطلق مؤتمر «واقع ومستقبل المسيحيين في الشرق» الذي ينظمه المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن، بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور الألمانيّة، بمشاركة محليّة وعربيّة وأجنبيّة.

كانت المشاركة حافلة بالعديد من الكلمات التي تعبر عن الواقع الذي يعيشه المسيحيين بالشرق الأوسط والمأمول لهم. من هذه الكلمات، ألقى الأنبا باخوم النائب البطريركي لشؤون الإيبارشية البطريركيّة كلمة قال فيها: «مصر كبلد لها ثقافتها الخاصة، بسبب تاريخها الغني بالثقافات والحضارات والغزاة ‏والطامعين. فيها شعب يعشق أرضه، (تراب الوطن)، وخيار الهجرة بالنسبة له هو الخيار ‏الأخير دائمًا مهما كانت الظروف».‏

وأضاف: «ان كانت هناك احصائيات للهجرة او السفر للبحث عن حياة أفضل من الناحية ‏الاقتصادية، فهذا أمر يشترك فيه الجميع (مسلمون ومسيحيون). أما عن هجرة ‏اليهود المصريين فهذا أمر يطول شرحه، كما الجاليات الأجنبية». ‏

وشرح الأنبا باخوم: «قد عاشت مصر‏ فيما يسمى بزمن الربيع العربي، مرحلة من أخطر مراحل تاريخها الحديث والمعاصر. عاشت الكنيسة، بقادتها وبمؤمنيها هذه المرحلة أيضا كجزء لا يتجزأ من هذا الوطن ‏ويمكننا القول إن الخطر كان مضاعف».‏

أشار باخوم: «في كل هذا لم يضعف انتمائهم لوطنهم وإيمانهم بأن ما يحدث سيمر كما مر الكثير ‏من مضايقات وأحداث. فالخوف والقلق لم يكن فقط على الكنيسة (شعبها وقادتها) ‏بل الخوف الأكبر كان على الوطن، فلسنا نعيش كمسيحين أقباط في جزيرة معزولة. ‏فروحانيتنا وطقوسنا وصلواتنا لا تنفصل عن ثقافتنا وانتماؤنا لوطننا».‏

كما شرح الأنبا: «شبابنا جنود في جيش هذا الوطن وبناتنا أعضاء في أحزابه وعاملين في مؤسساته.‏ كانت الكنيسة ومازالت ثابتة غير محايدة، صامدة بتعاليمها ومبادئها. ‏تركت الكنيسة لمؤمنيها الاختيار في توجهاتهم السياسية والحزبية مع ‏الاحتفاظ بقواعد الايمان الراسخ والتعاليم الكاثوليكية الواضحة. ولم تنقطع ‏صلاتها من أجل الوطن».‏

كما تابع الأنبا بشرح التالي: «إذن استقرار المسيحين في مصر مرتبط باستقرار بلدهم، والمشاركة ‏الحقيقية في عملية الإصلاح، بكل محاورها: الاقتصادي والتعليمي والثقافي والديني، إلخ. ‏

ومن‏ التحديات التي تواجه الكنيسة في مصر والمشاركة في الإصلاح: «بعد ثورتين وأعمال عنف وتعديات وأزمات سياسية داخلية وخارجية، ثم أزمة ‏فيروس كوفيد ١٩ الذي عانت منه البشرية جمعاء.‏ كانت القيادة السياسية المصرية واضحة وصريحة في قراراتها ومصارحتها بكل ‏شفافية لوضع البلاد على كل المستويات ومن ثم بالتأثيرات التي يمكن حدوثها في ‏حال الدخول في طريق إصلاح حقيقي. ومن ثم حشدت لهذا ‏الهدف كل مقدرات الوطن وموارده. ‏شارك الجميع ممن لهم نوايا حسنة، ولا ننكر معاناة الكثيرين ممن لحقهم غلاء الاسعار وارتفاع تكلفة المعيشة في أبسط متطلباتها. وهنا يجب أن نلقي نظرة على ‏الوضع الاقتصادي العالمي وليس فقط في دول الشرق الأوسط. فنحن نعيش في عالم ‏واحد، قرية صغيرة.‏

التحديات الاقتصادية‏

المزيد

على حد قول كينيث روغوف، كبير الاقتصاديين السابق لصندوق النقد الدولي ‏وبروفيسور الاقتصاد في جامعة هارفرد، في الازمة الاقتصادية العالمية الحالية:

«إن العالم يواجه أقوى عاصفة اقتصادية مع احتمالية حدوث ركود ‏اقتصادي في أميركا والاتحاد الأوروبي والصين. وبالتالي يمكننا القول إن ارتفاع الأسعار ورفع الدعم، في مصر أمر لا يخص الإدارة ‏المالية لمصر فقط. وبالتالي أيضًا ارتفاع نسبة الديون الخارجيّة وارتفاع نسبة ‏التضخم وسعر الدولار أمام العملية المحلية، وارتفاع سعر الذهب، ارتفاع سعر ‏برميل النفط، كلها قضايا يجب أن تناقش على ضوء الازمة الاقتصادية العالمية».‏

«وعلى الصعيد المحلي نجد، بنية تحتية جديدة ومشروع حياة كريمة ومساكن للشباب وطرقات ومدن جديدة وأراضي زراعية جديدة. مشروعات قومية توفر فرص عمل كبيرة ‏جدا للعاطلين، كما بناء كنائس جديدة يصاحبه دعم كبير من الدولة من حيث ‏الموافقات والإجراءات القانونية وتقنين الكنائس القديمة وقانون الأحوال ‏الشخصية المشترك للطوائف».‏

الوضع الديني المسيحي

(تستمر القصة أدناه)

«يتمّ أحيانًا حصر قضايا المسيحييّن في مصر خاصة، بأزمة بناء الكنائس أو ترميمها! ‏وأرى أن إحدى المشاكل الحقيقية في وضع المسيحيين بمصر هو احساسهم الدائم ‏بأنهم أقلية، وتوقعاتهم مع كل رئيس جديد في إعادة حقوقهم المهدورة منذ عدة عقود: كتعينيهم في الوزرات السيادية ورئاسة الجامعات والكليات. ‏إذن الأزمة ليست فقط اقتصادية وليست فقط في بناء الكنائس من عدمه.‏ إنما في وجود واقع لا بد من الإقرار به والتفكير جديًا في مواجهته بطرق تتوافق ‏ودعوتنا الدائمة للعيش المشترك. ‏

هذا الواقع يمكننا تسميته إن جاز التعبير: "الهواء السلفي" الذي يملأ الأجواء في ‏هذه البقعة من الأرض (بلاد الشرق الأوسط) فوجود التيارات الفكرية ‏المتشددة في صورتها الأخيرة والظاهرة للعيان، فيما يسمى الاتجاهات الدينية ‏السياسية، لن ينتهي في مصر أو الشرق الاوسط بهذه السهولة. لذا يمكن أن يأخذ ‏الحديث مسارات أخرى: دورنا في دعم عمليات الإصلاح الحقيقية في بلادنا ‏وسأقترح عمليا بعض النقاط في الختام. ‏

أخيرًا على المستوى الداخلي، والعلاقة مع شركاء الوطن

مرة أخرى نعود للعيش المشترك. تحاول الدولة المصرية جاهدة مع قيادات ‏مشيخة الازهر الشريف حلّ التعامل مع التيارات المتشددة من خلال ‏تجديد الخطاب الديني.‏ تضع الكنيسة، بطوائفها الثلاث بمصر، نفسها دائمًا تحت مظلة الدعوى للسلام ‏والعيش المشترك متحفظة بعض الشيء في بياناتها الرسمية وغير الرسمية تجاه ما ‏يثير غضب الاقباط. وهو ما يصل في أقصى درجاته إلى لوم قياداته الدينية ومجلس ‏أساقفته من ردة فعلهم وتصريحاتهم "غير المؤثرة" بحسب تعبيرهم. ‏

ختامًا، مقترحات للعمل معًا

‏١. جمع المهاجرين المسيحيّين الشرق أوسطيين في رابطة واحدة يتواصلون بها مع حكوماتهم لدعمهم سياسيًا واقتصاديًّا.‏ عرض هذا المقترح على مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في الشرق ‏الأوسط بحيث يكون المجلس هو الوسيط الشرعي لهذا الامر. بعد ‏ذلك، يقدم المقترح للجنة العامة "السينودسية" كثمرة من ثمار "العمل معًا". فليس دورنا ‏فقط رعاية أبنائنا وبناتنا داخل حدودنا إنما رعايتهم ومشاركتهم في كل ما ‏تقدمه الكنيسة الجامعة من دعم.‏

‏٢. مقترح آخر يخص العمل مع شركاء الوطن: تفعيل وثيقة "الإخّوة ‏الإنسانية" ووثيقة "كلنا أخوة" من خلال مؤسساتنا التعليمية ومدارسنا ‏كمشروع موحد للمدارس الكاثوليكية في الشرق الأوسط».‏

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته