مريم العذراء متربّعة في سماوات الفنّ الإنساني

تمثال لمريم العذراء مريم العذراء | Provided by: Mateus Campos Felipe/Unsplash

خصّصت الكنيسة الكاثوليكيّة شهر أيّار بكامله لتكريم "مريم" العذراء، والدة الإله. ويعود هذا التّخصيص لهذا الشّهر، لثقافات عدّة في عصور مختلفة. وفي التّأمّل أكثر في هذا التّكريم لأمّنا العذراء، تشدّنا مجموعة من القصائد العربيّة التي نقش الشّعراء فيها وبحروف من نور سحر أمومتها الكونيّة.

يقول الشّاعر والمترجم "الحسين خضيري" عن "مريم" العذراء: "إنّ الفن التّشكيلي والشّعر على اتّساعهما لم يحتفيا بشخصيّة على مدار الزمن، كما احتفيا بالسيّدة العذراء، إذ فتح الفنّ الإنساني سماواته رحبة لتتربّع العذراء وطفلها الرضيع على عرش القداسة طويلًا".

تنوّعت أساليب التعبير، كما تعدّدت أيضًا موضوعات رسم ملامح أمومة العذراء، ومن ثمّ أتيحت للشّعراء مساحة رحبة للتعبير عمّا تمثّله والدة الإله في وجدانهم. فنجد الشّاعر "نزار قبّاني"، وهو يرجو حبيبته باسم الكتب المقدّسة، وبعدها يذكر أنّها كانت رفيقته أمام باب "مريم " العذراء:

أرجوك يا سيّدتي

باسم جميع الكتب المقدّسة

والشمع، والبخور، والصلبان...

رفيقتي، على دروب (اليرزة) الخضراء

رفيقتي، أمام باب مريم العذراء

رفيقتي بالحزن والبكاء"...

ونرى أحد الشّعراء في وصفه لـ"مريم" العذراء وهو يناديها ويسألها:

"فيا أمّ مثاليّة

اظهري لي في أحلام الورديّة

وكوني لناموسي كنزًا يُثمر ببراءة طفوليّة،

فأغرزك في قلبي كقدوة روحيّة

وأتّخذكِ عونًا معينًا لاهـتماماتك الاعتنائيّة"...

حفر رسم أمّنا السّماويّة في عقولنا منذ الصغر. وقد شبّه الشّاعر "حافظ" إبراهيم أمّنا الأرضيّة بالمدرسة التي إذا أُعدّت إعدادًا جيّدًا من كلّ النواحي التربويّة والتعليميّة، كان نتاجها شعبًا طيّب الأعراق:

"الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها

المزيد

أعددتَ شَعبًا طَيِّبَ الأَعراقِ

الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا

بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ

الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى

شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ".

إذا كانت أمّنا الأرضيّة تمتاز بهذا الدّور الفعّال، فهل يمكننا، على الرغم من المساحة الواسعة التي أتيحت لنا في التعبير، أن نحفر كلّ ما تجسّده أمومة العذراء من كنوز، وهي المكلّلة بالطّهر والنابضة في وجداننا؟

"أيُّ سـرٍّ شــاءَهُ الربُّ الإلــه؟      أيُّ أرضٍ أنبتتْ عـــودَ الحيـاةْ

(تستمر القصة أدناه)

أيُّ روضٍ فاحَ في الكونِ شذاه    عبقُ الطُهرِ وترنيـــمُ الشــفـاه

أنتِ أُمُّ اللهِ، نورٌ منْ ســــــناه      وبكِ قدْ حــقّقَ العدلُ رجـــــاه

كوني يا أُمُّ لنــا طـــوقَ النجاة     كوني ميناءً لمنْ ضــلَّ وتـــاه" (الشاعر: نبيل نعمة بديوي).

من هنا، تتجلّى أمامنا هويّة حقيقيّة لمريم العذراء يمكن لكلّ أمّ اليوم أن تستلهم منها. في الواقع، مريم ليست والدة الإله فحسب، بل هي أيضًا "أمّنا"، وهي تساعدنا باستمرار على ترجمة إيماننا بكلمة اللّه، بالقول والفعل ومن دون حدود. وهكذا ستكون رسالتنا مثمرة لأنها على مثال أمومة "مريم".

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته