البابا فرنسيس يبعث رسالة إلى البطريرك كيريل. ماذا في مضمونها؟

إلى اليسار البابا فرنسيس وإلى اليمين البطريرك كيريل إلى اليمين البطريرك كيريل وإلى اليسار البابا فرنسيس | Provided by: Daniel Ibáñez/CNA -- Kremlin.ru via wikimedia

أبرق البابا فرنسيس إلى بطريرك روسيّا الأرثوذكسيّ كيريل مهنّئًا بعيد شفيعه ومصلّيًا إلى الله الرحوم كي يعطيهم الحكمة. تأتي هذه البرقيّة بعد تعثّر العلاقة بين الرجلين على إثر مقابلة صحفيّة قام بها البابا في 3 أيّار الحالي مع جريدة كورييري ديلّا سيرا الإيطاليّة.

برقيّة التهنئة

أرسل البابا فرنسيس برقيّة تهنئة لبطريرك روسيّا الأرثوذكسيّ كيريل بمناسبة عيد شفيعه القدّيس كيرلّس، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإيطاليّة. وكتب البابا في البرقيّة التي كانت قد أذاعتها وكالات الأنباء الروسيّة قائلًا: «يقدّم لي تذكار عيد القدّيس كيرلّس، رسول الشعوب السلافيّة الكبير، الفرصة لأرسل لحضرتكم تحيّاتي مؤكّدًا صلاتي لغبطتكم وللكنيسة الموكلة إلى اهتمامكم الرعائيّ. أصلّي في الأيّام هذه لأبينا السماويّ ليجدّدنا الروح القدس ويقوّينا بخدمة الإنجيل، بخاصّةٍ في جهودنا لحماية قيمة وكرامة كلّ حياةٍ بشريّة». وتابع الأب الأقدس قائلًا: «بصلوات شفيعكم السماويّ، ليعطنا الله الرحوم والكلّي القدرة عطيّة الحكمة، لنكن دائمًا عمّال متواضعين في كرم الربّ».

علاقة البابا بالبطريرك

لعلاقة البابا فرنسيس بالبطريرك كيريل أهمّية كبرى تنعكس على مسيرة التقارب بين الكنيسة الكاثوليكيّة والكنيسة الروسيّة الأرثوذكسيّة. فمنذ انتخاب الكاردينال خورخي ماريو بيرغوليو للسدّة البطرسيّة في العام 2013 وتنصيبه أسقفًا على روما، بابا الكنيسة الكاثوليكيّة الجامعة، سعى للقاء بطريرك روسيا متابعًا مسيرة أسلافه المسكونيّة. وكان البطريرك كيريل من الناحية الأخرى مُنفتحًا على هذا الاحتمال. فحصل لقاء بين الرجلين في 12 شباط 2016 في مطار هابانا الكوبيّة. وشكّل هذا اللقاء حدثًا تاريخيًّا إذ كان أوّل لقاء في التاريخ بين رأس الكنيسة الكاثوليكيّة ورأس الكنيسة الأرثوذكسيّة الروسيّة. وتابعت العلاقة بين الكرسي الرسوليّ الروماني والكرسي البطريركي الروسيّ في التقدّم الإيجابيّ خلال السنوات الأخيرة.

لقاء إلكترونيّ على إثر الحرب الروسيّة-الأوكرانيّة

على إثر الحرب الروسيّة-الأوكرانيّة عقد كيريل لقاء إلكترونيّا مع فرنسيس في 15 آذار الفائت. كما عقد كيريل لقاء آخرًا مع رئيس أساقفة كانتربري الإنجليزيّة جستين ويلبي، أعلى سلطة أسقفيّة في الكنيسة الأنجليكانيّة. وفي اللقاء الإلكترونيّ تداول كيريل وفرنسيس بأهميّة العمل من أجل السّلام وعدم استخدام منطق السياسة بل منطق المسيح. كما رأى الطرفان أنّ المفاوضات التي كانت دائرة في تلك الأسابيع بين طرفي النزاع الروسي-الأوكراني لها أهميّة كبيرة. وشدّد البابا خلال اللقاء أنّ ما من حرب عادلة وأنّ الحرب ليست يومًا الطريق الصحيحة.   

لقاء شخصي ثاني بين الرجلين؟

خلال ذلك كان يسعى أيضًا قطبا الكنيسة الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة لعقد لقاء شخصيّ ثانٍ، أُعدّ لأن يحصل في القدس في 14 حزيران المقبل بعد رحلةٍ كان يجب أن يقوم بها البابا إلى لبنان. لكن تمّ إلغاء اللقاء بسبب تعقيدات الحرب الروسيّة-الأوكرانيّة إذ كان هذا اللقاء سيخلق التباساتٍ عدّة في نفوس المؤمنين بحسب ما صرّح البابا إلى جريدة لا ناسيون الأرجنتينيّة في نيسان الفائت. وقد كان رأسا الكنيسة الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة الروسيّة قد اتّفقا على اللقاء بالقدس، بعد طلب كيريل أن يتمّ اللقاء على أرضٍ لا يتعرّض بها المؤمنون الأرثوذكس للاضطهاد.

لكن بقيت حينها إمكانيّة عقد لقاء شخصيّ بين الرجلين مفتوحة. ورجّح بعض المحلّلين كما نقل أندريا غالياردوتشي على سي. إن. أي.، الشريك الأخباري لآسي مينا باللغة الإنجليزيّة، إمكانيّة أن يتمّ اللقاء في: كازاخستان في أيلول المقبل على هامش اللقاء العالمي لرؤساء الأديان الذي كان البابا فرنسيس قد أعلن عن رغبته بالمشاركة به أو في براتيسلافا عاصمة سلوفاكيا بعد استبعاد إمكانيّة اللقاء في هنغاريا.

مطبّ يجمّد العلاقة الإيجابيّة

لكنّ كهربت مقابلة صحافيّة قام بها البابا فرنسيس مع جريدة كورييري ديلّا سيرا الإيطاليّة العلاقة واضعةً إيّاها في تعثّر. ففي هذه المقابلة، التي قام بها البابا في الثالث من أيّار الحالي، ذكر الحبر الأعظم أنّه حثّ بطريرك روسيّا في لقائهما الإلكتروني على ألّا يكونا «إكليروس دولة»، أي إكليروس ينفّذ رغبات الدول. وتابع الأب الأقدس أنّ على كيريل ألّا يكون «خادم مذبحٍ لبوتين». وكان البابا أعلن في المقابلة عينها استعداده للقاء بوتين في موسكو.

لكن الجزء المتعلّق بكيريل لم يلق للكنيسة الروسيّة التي أصدرت توضيحًا عن دائرة الاتصالات في قسم العلاقات الكنسيّة الخارجيّة لبطريركية موسكو تقول فيه أنّ ما جاء على لسان البابا في مقابلة مع الجريدة الإيطاليّة غير دقيق ومؤسف.

على الرغم من كلّ ذلك، تعود رسالة التهنئة في عيد شفيع البطريرك كيريل لتضيء نورًا في سماء العلاقة التي تلبّدت بغيوم الحرب الأوكرانيّة الروسيّة السوداء. فهل تعود العلاقة بين الكنيستين إلى موضعها السابق وتثبت على جسر المحبّة الأخويّة؟ وهل سيحصل لقاء شخصي ثاني بين ماردي الكنيسة الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة؟ تابعوا آسي مينا لتعرفوا أيّ تطوّر جديد في هذه العلاقة!

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته