ويُواصل حديثه: «الربُّ ظهَرَ بعد قيامته لتلاميذه، طيلة أربعين يومًا، فصعد إلى السماء، ووعدهم بأنّه سيُرسل إليهم المُعزّي، وهو الروح القدس. وبعد عشرة أيّام على صعوده، تجلّى وعدهُ، أي حَدَث العنصرة، وهو يرمز إلى ولادة الكنيسة الجديدة التي تلتزم شريعة المحبّة».
ويوضح: «الأحد الذي يلي العنصرة هو أحد الثالوث الأقدس، أي الحضور الإلهيّ في شخص الآب والابن والروح القدس. وفي الخميس الذي يتبعه مباشرةً، نحتفل بعيد خميس الجسد، أي القربان المقدّس، ويستمرّ معنا من خلال الاحتفال بالذبيحة الإلهيّة. يتغيّر تاريخ الاحتفال بهذا العيد، بحسب عيد القيامة المجيد، لأنّه مرتبط بالفصح اليهوديّ الذي يستند إلى حساباتٍ فلكيّة تؤدّي إلى تبدّل تاريخه».
ويُخبِر شربل: «في العام 1263، بينما كان كاهنٌ يحتفل بالذبيحة الإلهيّة في بلدة بولسينا الإيطاليّة، خرَجَ من القربان دمٌ حَيّ، فاعتُبِرَت هذه الظاهرة أعجوبةً عظيمة. لذا، أمَرَ البابا أوربانوس الرابع عام 1264 بأن يُقام عيد سنويّ تكريمًا للقربان المقدّس، سُمّي عيد جسد الربّ».
ويردِف: «في العام 1825، ضرَبَ وباء الطاعون مدينة زحلة وفتَكَ بكثيرين؛ ومع اقتراب عيد الجسد، طلبَ المطران إغناطيوس عاجوري، راعي أبرشيّة زحلة للروم الملكيّين الكاثوليك، أن يُطاف بالقربان المقدّس في شوارع المدينة حتّى تتبارك ويُشفى مرضاها، فانتهى الوباء. واعتبَرَ أبناء زحلة أنّ الله قد خصّهم بهذه الأعجوبة، وباتَ هذا العيد مخصّصًا للتهليل والشكر، وفيه تُقام قداديس في كلّ كنائس زحلة، ويلتقي الناس حول القربان المقدّس ويسيرون في الشوارع طالبين نعمة الله وبركته».
ويؤكّد: «عيد الجسد الإلهيّ هو عيد الحبّ الإلهيّ، فقد بذَلَ يسوع ذاته عبر ذبيحة دمويّة، تمَّت مرّةً واحدة على الصليب، وفيها دخَلَ المسيح، رئيس الكهنة، قدس الأقداس بدمه الخاصّ، وليس بدم الحيوانات؛ لكنَّ ذبيحة الصليب لم تكن لتأخذ بُعدًا خلاصيًّا لولا قيامة المصلوب في اليوم الثالث».
ويُكمِل: «القيامة أيضًا لا تأخذ بُعدَها الخلاصيّ إلّا بعنصرَين حيويَّين يُكملان التدبير الإلهيّ؛ الأوّل هو حلول الروح القدس الذي كوَّنَ الكنيسة، كما كوّن الابن في حشا العذراء مريم. أمّا الثاني فهو جسد ربّنا يسوع المسيح الممجَّد، الخبز النازل من السماء، والغذاء الملوكيّ لغفران الخطايا وللحياة الأبديّة».