الدخان الأبيض والدخان الأسود… كيف تُعلِن الكنيسة انتخاب البابا؟

مدخنة كابيلّا سيستين التي سيتصاعد منها الدخان الأبيض أو الأسود بعد جولات التصويت في الكونكلاف مدخنة كابيلّا سيستين التي سيتصاعد منها الدخان الأبيض أو الأسود بعد جولات التصويت في الكونكلاف | مصدر الصورة: وكالة الأنباء الكاثوليكيّة

في السابع من مايو/أيار، يجتمع الكرادلة في كنيسة سيستين المغلقة داخل أسوار الفاتيكان، حاملين على أكتافهم القرار الأثقل في الكنيسة الكاثوليكيّة: انتخاب بابا جديد. وستّتجه أنظار العالم إلى مدخنة صغيرة على سطح الكنيسة، منها سيخرج دخان أبيض معلنًا البشرى أو أسود ممدِّدًا الانتظار.

في مجمعٍ مغلق تُمنَع فيه الكلمات ويُحظر فيه الاتصال بالعالم الخارجي، يتكلّم الدخان. ولغة هذا الدخان أصبحت، على مرّ العقود، طقسًا مشهديًّا فريدًا تختصره السماء بلونَين لا ثالث لهما: الأبيض والأسود.

عمّال يركّبون صباح البارحة مدخنة كنيسة سيستين الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا
عمّال يركّبون صباح البارحة مدخنة كنيسة سيستين الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا

الدخان الأسود: استمرار الحيرة

عندما لا يحصل أيٌّ من الكرادلة على ثلثي الأصوات، تُحرق بطاقات الاقتراع في فرن خاص، فيخرج من المدخنة دخان أسود كثيف (فوماتا نيرا)، في رسالة رمزية تقول للعالم: «لم يُنتخَب البابا بعد». هو لون الانتظار، وربما الانقسام، وأحيانًا علامة على أنّ الروح لم تهب كلمتها الأخيرة بعد.

مدخنة كابيلّا سيستين التي سيتصاعد منها الدخان الأبيض أو الأسود بعد جولات التصويت في الكونكلاف. مصدر الصورة: آسي برينسا
مدخنة كابيلّا سيستين التي سيتصاعد منها الدخان الأبيض أو الأسود بعد جولات التصويت في الكونكلاف. مصدر الصورة: آسي برينسا

الدخان الأبيض: بابا جديد

عندما يحلّ التوافق، يُشعل الحريق ذاته لكن بنتيجة مختلفة: دخان أبيض نقي يتصاعد فوق الفاتيكان (فوماتا بينكا) ليبشّر المؤمنين: لقد انتُخِب البابا. حينها، تُقرَع أجراس كنيسة القدّيس بطرس الفاتيكانية.

تقنيّة الدخان

كلا الدخانَين، الأبيض والأسود، ينبعث من احتراق بطاقات الاقتراع التي يستخدمها الكرادلة في خلال الكونكلاف. بعد كل جولة تصويت، تُحرَق الأوراق في فرن مزدوج، ويُضاف إليها مزيج كيميائي خاص لتحديد لون الدخان. للحصول على اللون الأبيض يُستخدم مزيج من الزنك المعدني والكبريت النقي، ما يُنتج سحابة بيضاء كثيفة. أما الدخان الأسود فينجم عن احتراق مواد غنية بالكربون، كالحطب أو الورق غير المعالج، ما يُنتج غازات رمادية داكنة.

عمّال يركّبون صباح البارحة مدخنة كنيسة سيستين الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا
عمّال يركّبون صباح البارحة مدخنة كنيسة سيستين الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: فاتيكان ميديا

استُخدم هذا النظام المعقّد للمرة الأولى في انتخاب البابا بيوس الثاني عشر عام 1939. وقبل ذلك، كانت الكنيسة تعتمد على نوع واحد من الدخان أو الأجراس أو المدافع لإبقاء من هم خارج مجمع الكرادلة على علم بما يحدث.

لكن خلف الكيمياء والتقنية، يبقى للدخان بعد روحي عميق: فهو صوت الروح القدس وإعلان الرجاء، ورسالة وحدة من كنيسة تنتخب راعيها لا بالإعلام ولا بالعجلة، بل بالتأمّل، وبالإصغاء العميق إلى ما يطلبه الله منها اليوم.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته