كفن تورينو... أيعود إلى يسوع الناصريّ؟

كفن تورينو عندما عُرِضَ للتكريم في العام 2015 كفن تورينو عندما عُرِضَ للتكريم في العام 2015 | مصدر الصورة: وكالة الأنباء الكاثوليكيّة

لا يزال كفن تورينو المعروف بـ«كفن السيّد المسيح» محطّ أنظار ملايين المؤمنين المسيحيين وغير المسيحيين. فهو يحمل في طيّاته ألغازًا لم يستطع العلم حتى اللحظة تفسيرها بشكل كامل رغم مرور عشرات السنوات منذ بداية الدراسات المرتبطة به.

ومن الباحثين الذين ارتبط اسمهم بالكفن في السنوات الأخيرة الدكتور شربل ساسين ابن مدينة زحلة اللبنانية. ساسين طبيب مختصّ في الجراحة التجميلية وعضو في الأكاديمية الأميركية للجراحة التجميلية منذ العام 2012. قدّم أكثر من 400 محاضرة ومداخلة عن موضوع الكفن حول العالم.

الكفن مدخل إلى آلام المسيح

في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، بمناسبة الأسبوع العظيم، شرح ساسين عن هذا الكفن المحفوظ في كاتدرائيّة مدينة تورينو الإيطاليّة. فبدأ مفسّرًا أنّ مسيرته مع الكفن جاءت نتيجة حياة وخبرة روحيّتَين، وأنّ أبحاثه في هذا الموضوع استمرّت من العام 2001 حتى 2004 ولم تنتهِ هُناك.

وشرح ساسين أنّ دراسة الكفن ليست محصورة في الكفن، إنما تتناول جِراحات السيّد المسيح وآلامه ككلّ. فهذه الدراسة، ليست هدفًا روحيًّا وعلميًّا في حدّ ذاته، بل ترمي إلى معرفة تفاصيل آلام السيد المسيح في الساعات الـ24 الأخيرة من حياته الأرضية قبل موته وقيامته.

البابا فرنسيس يصلّي أمام كفن تورينو في العام 2015. مصدر الصورة: L'Osservatore Romano
البابا فرنسيس يصلّي أمام كفن تورينو في العام 2015. مصدر الصورة: L'Osservatore Romano

وفسّر ساسين أنّ المرجعية الأساسية لهذه الدراسات هي الأناجيل الأربعة التي تتحدّث عن آلام السيد المسيح. وزاد أنّ الدراسات الجارية على الكفن مُحاولة لقراءة هذه الآلام في ضوء ما يستطيع الطبّ أن يقدّمه من معلومات، وهي تأخذ في الاعتبار: الكفن، والدراسات المختصة به، والحقائق التاريخية، وعلم الآثار، وذخائر أخرى كعود الصليب المقدّس وإكليل الشوك.

«الكفن يعود إلى شخص يسوع الناصريّ» 

حول آخر مستجدات دراسات الكفن يقول الطبيب إنّ «الدراسات والأبحاث بالمئات، لدرجة أنّه أصبح أكثر القطع المدروسة على مرّ التاريخ. ونتيجةً لذلك، وُلِد مصطلح علمي جديد هو "علم الكفن"».

أما أهمّ نتائج الدراسات على كفن تورينو فتتمحور حول أمريْن، بحسب ساسين: الأول، أنّ جميع الدراسات تدلّ على أنّ الكفن يعود إلى شخص يسوع الناصري، باستثناء دراسة واحدة ادّعت رجوعه إلى العصور الوسطى. إنّما دُحِضَت بعدما تبيّن أنّها أُقِيمَت على قطعة قماش أُضِيفَت إلى الكفن في العصور الوسطى بغرض الحفاظ عليه.

ويمكن إذًا تأكيد انتماء الكفن إلى يسوع الناصري لأنّ الجراحات «المطبوعة» عليه تعود إلى شخص عُذِّبَ بصورة فريدة. وبخاصّة إكليل الشوك، وهو ما عاناه السيد المسيح بشكل وحيد غير مسبوق، كما قال ساسين.

كفن تورينو عندما عُرِضَ للتكريم في العام 2015. مصدر الصورة: وكالة الأنباء الكاثوليكيّة
كفن تورينو عندما عُرِضَ للتكريم في العام 2015. مصدر الصورة: وكالة الأنباء الكاثوليكيّة

والأمر الثاني الذي تتمحور حوله دراسات الكفن هو مصداقية الصورة المطبوعة عليه. فعلميًّا، حتّى في العام 2024، لا يمكن «طباعة» صورة من هذا القبيل عليه، مع ما تحتويه من مزايا كيميائية وفيزيائية. فالإيمان وحده قادر على أن «يستوعب» هذا اللغز. وهذه النقطة بالتحديد يمكنها أن تجمع بين العلم والإيمان، كما فسّر ساسين. فالعلم يجيب عن السؤال «كيف؟»، أما الإيمان فيجيب عن السؤال «لماذا؟». وهذان السؤالان ليسا مُتناقضَيْن في هذه الحالة بل هما مُتكاملان.

رجل الكفن ترك مساحة للإيمان

ختم ساسين حديثه إلى «آسي مينا» مفسّرًا أنّ إيماننا المسيحي لا يتساءل «كيف» خُلق الكون مثلًا. فحتى سفر التكوين لم يهدف إلى تقديم معلومات عن «كيفية» خلق الكون، إنما السؤال هو «لماذا» خُلق الكون.

وهذا ما قد ينطبق على دراسات الكفن؛ فهذه الدراسات لا تستثني العلم بل تضعه في خدمة السؤال «لماذا». ورغم أنّ الكفن أعطى إجابات علميّة مؤَكَّدة، لا يزال يترك مساحة للإيمان الشخصي. ولعلَّ رجل الكفن نفسه أراد ترك هذه المساحة كي يملأها كلُّ شخص بحسب إيمانه، كما يقول ساسين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته