6 أشهر على حريق بغديدا... كيف يساعد «مركز الدعم النفسيّ» السكّان على التعافي؟

من نشاطات «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» في بلدة بغديدا العراقيّة من نشاطات «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» في بلدة بغديدا العراقيّة | مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي

لا نبالغ في القول إنّ فاجعة عرس بغديدا تخطّت بمأساتها حدود العراق. فقد تعاطف العالم بأسره مع ضحاياها، شهداء وثكالى وأرامل وأيتام وعائلات اندثرت برمّتها، فضلًا عن مئات المصابين الذين تواصلت معاناتهم مع آثار الحروق الغائرة، منهم مَن نجا ومَن رَحَل وآخرون يتماثلون للشفاء.

فبعدما تسبّب حريق، نشب ليل الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول 2023 في قاعة للأعراس ببغديدا، في سقوط المئات بين قتيل وجريح، سعت أبرشيّة الموصل للسريان الكاثوليك إلى تخفيف آثار الحزن الجاثم على قلوب البغديديّين. ففعّلت «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» التابع لها لبلسمة آلامهم والتخفيف من آثار الصدمة والخوف.

إغاثة نفسيّة وروحيّة

بادر المركز، عقب الفاجعة، إلى تشكيل 9 فِرق من كوادره المدرّبة على التعامل مع ضحايا الصدمات. فسارعت تلك الفِرق إلى زيارة المفجوعين والإصغاء إليهم وإرشادهم، وجمع معلومات عن احتياجاتهم وسُبل مساعدتهم، كما شرح الأب أغناطيوس أوفي مدير المركز في حديث خاصّ إلى «آسي مينا».

الأب أغناطيوس أوفي. مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي
الأب أغناطيوس أوفي. مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي

وتابع أوفي: «إلى جانب الخدمات النفسيّة، يقدّم مركزنا الإغاثة الكتابيّة والروحيّة، عبر مشاركة نصٍّ من الكتاب المقدّس وتلاوة الصلوات المعزِّية للحزانى والمتألّمين بفقدان أحبّائهم. كما قدّمت الأبرشية، عبر مركزنا، وبالتنسيق مع كوادر مستشفى الحمدانيّة، دعمًا طبيًّا تَمَثَّل في مداواة الضحايا منزليًّا، وتوفير ما تيسَّر من أدوية ومستلزماتٍ طبيّة، قدّمها متبرِّعون من داخل العراق وخارجه، فضلًا عن دعم مادّي لأطفال مصدومين بسبب الفاجعة».

تطوير الخدمات

أوضح أوفي: «يتجاوب المستفيدون من خدماتنا بإيجابيّة، سواء مع الفِرق الجوّالة، أم عبر مراجعتنا». وأردف: «يثقون بالكنيسة، لذا رحّبوا بمُرسَليها وتقبّلوهم. ويشعرون بالطمأنينة في أثناء مراجعتهم مركزنا، الوحيد في البلدة بخدماته الفريدة».

من نشاطات «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» في بلدة بغديدا العراقيّة. مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي
من نشاطات «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» في بلدة بغديدا العراقيّة. مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي

أدّى المركز في خلال الأشهر الستة الماضية دورًا مثمرًا وفاعلًا في الإرشاد والدعم النفسيّ الفرديّ والجماعيّ، تظهر نتائجه الإيجابية تباعًا. «ونسعى إلى تطوير خدماتنا باستحداث قسم خاصّ بالأطفال وآخر بالعائلة وراعويّتها لمساعدتها على مواجهة المشكلات والتحدّيات التي تعانيها. ونجتهد لتنظيم وِرَش وندوات، في العالمَين الواقعيّ والافتراضيّ، مستثمرين وسائل التواصل الاجتماعيّ»، على حدّ قول أوفي.

متطوّعون متخصّصون

«يخدم جميع العاملين في المركز بتطوّع وفرح، وهم متخصِّصون في العلوم التربويّة والنفسيّة والاجتماعيّة، تلقّوا تدريبات داخل العراق وخارجه. ثم كوّنوا مجموعةً من الشبّان والشابات ودرّبوهم علميًّا وعمليًّا» كما أكّد أوفي. واستدرك المدير: «لكنّنا بحاجة إلى مزيد من المتخصّصين للعمل معنا، بخاصّةٍ من الإناث».

من نشاطات «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» في بلدة بغديدا العراقيّة. مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي
من نشاطات «مركز الدعم والإرشاد النفسيّ» في بلدة بغديدا العراقيّة. مصدر الصورة: الأب أغناطيوس أوفي

الجدير بالذكر أنّ فكرة تأسيس المركز ولدت في أعقاب تحرير المنطقة من عصابات تنظيم «داعش» الإرهابية وشروع البغديديّين بالعودة إلى بلدتهم عام 2017 بعد ثلاث سنوات من التهجير القسريّ. إذ برزت أهمّية متابعة العائدين المصدومين بخسارة منازلهم وأرزاقهم، فضلًا عن معاناتهم في سنوات النزوح. فالحاجة إلى إعمار نفوسهم وترميم صحّتهم النفسيّة كي يصمدوا ويواصلوا حياتهم، كانت أكثر إلحاحًا من إعمار بيوتهم.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته