2024 سنة كبيسة… ما علاقة الكنيسة الكاثوليكيّة؟

كلّف البابا غريغوريوس الثالث عشر عام 1579 فريقًا من العلماء إصلاح التقويم كلّف البابا غريغوريوس الثالث عشر عام 1579 فريقًا من العلماء إصلاح التقويم | مصدر الصورة: Craig Dingle-Gimas/Shutterstock

انطلاقًا من القرن الرابع وصولًا إلى الثامن عشر، ارتبطت الأديان ومذاهبها بشدة بحياة الناس وسياسات الدول، وكذلك بمختلف أنواع العلوم كعلم الفلك. فالتقويم المتّبع اليوم في جميع دول العالم ليس إلا نتاج الكنيسة الكاثوليكية قرارًا وصنعًا، ومدماكه تحديد أيام شهر فبراير/شباط، أي تحديد السنة الكبيسة، وسنتنا الحالية (2024) منها. فكيف حدث ذلك؟ 

بدأ مفهوم السنة الكبيسة مع إصلاح يوليوس قيصر تقويم جمهوريته الرومانية، أولًا من خلال جعل السنة 12 شهرًا بدلًا من 10؛ تبدأ من مارس/آذار ولا تنتهي في آخر ديسمبر/كانون الأول كما كان مُتّبعًا، بل مع نهاية فبراير/شباط الذي أصبح الشهر الأخير الحاوي بقيّة الأيام، فجاء ناقصًا. ومع اعتماد السنة بـ365 يومًا وربع اليوم، كان لا بدّ من إضافة يومٍ واحدٍ كلّ 4 سنوات إلى شهر فبراير/شباط.

الإصلاح الغريغوريّ

في القرن السادس عشر بدأ كثيرون من الناس يتنبّهون إلى أنّ الاعتدال الربيعي (المهم زراعيًّا وكذلك في تحديد عيد القيامة) يسبق موعده الأصلي. كما عَرف بعض العلماء ورجال الكنيسة الكاثوليكية أنّ السنة المدارية أقل من 365 يومًا وربع اليوم. لذلك حضّ مجمع العام 1511 ومن ثمّ مجمع ترنت عام 1563 البابا على التحرك وإجراء التصحيح.

قرر البابا غريغوريوس الثالث عشر عام 1579 حسم المسألة وتكليف فريق من العلماء إصلاح التقويم وعلى رأسهم الأب والعالِم اليسوعي كريستوفر كلافيوس. ورأى هذا الأخير أنّ الأيام المغلوطة المتراكمة قد بلغ عددها عشرة، فاقترح أن يتبع يوم الأربعاء 4 أكتوبر/تشرين الأول 1582 يوم الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول، وهذا ما حصل.

أما اقتراحه الثاني والذي طُبّق أيضًا، فتمثّل في تغيير نظام السنة الكبيسة لتنطبق حصرًا على السنة القابلة للقسمة على 4 وعلى 400، ولا تقبل القسمة على 100. من هنا نلاحظ أنّ السنوات 1700 و1800 و1900 لم تكن سنوات كبيسة لأنها لم تقبل القسمة على 400. بينما سنة 2000 كانت كبيسة لتحقيقها شروط كلافيوس الثلاثة. 

تجدر الإشارة إلى أنّ الاهتمام اليسوعي الجادّ بعلمَي الفلك والرياضيات بدأ مع كلافيوس الذي دُرست كتبه ونالت اهتمامًا بالغًا استمر لعشرات السنوات بعد وفاته (رغم اعتقاده بمركزية الأرض لا الشمس). وكُرّم بتسمية إحدى فوهات القمر على اسمه. وما زال الإسهام العلمي اليسوعي في هذا المجال قائمًا؛ فاليوم مثلًا يعمل في مرصد الفاتيكان علماء يسوعيون. حتى إنّ غاليليو (وكان قد التقى كلافيوس) تأثر هو نفسه بكتابات اليسوعيين العلمية.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته