مغارة في كنيسة مهدّمة تُعيد ميلاد يسوع إلى قلب بيروت

مغارة مار منصور الميلاديّة في وسط بيروت، لبنان مغارة مار منصور الميلاديّة في وسط بيروت، لبنان | مصدر الصورة: موريس رزق

بأضواءٍ مبهرة ومشاهد سمعيّة بصريّة لا تُفَوَّت، أعادت كنيسة مار منصور دي بول، المُهدّمة بسبب الحرب الأهلية، في وسط مدينة بيروت إحياء تقليدٍ بدأته عائلة ألبير خيّاط عام 1946. «مغارة مار منصور الميلادية»، هكذا عرفها كثيرون وعرّفوا بها.

من خلال عرضٍ سمعيّ بصريّ لمدّة 45 دقيقة، يستطيع المشاهد أن يتأمّل أحداث ميلاد يسوع المسيح كما رواها الإنجيليون الأربعة. فأبواب المغارة مفتوحة كلّ أسبوع، حتّى 8 يناير/كانون الثاني 2024، أيام الجمعة، والسبت، والأحد من الساعة 11 صباحًا إلى 6 مساءً.

مريم ويوسف والطفل يسوع في مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق
مريم ويوسف والطفل يسوع في مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق

وفي مقابلةٍ خاصّةٍ مع «آسي مينا»، أوضحت نائبة رئيس جمعية مار منصور دي بول، إلّا سلهب بيطار، جذور هذا التقليد.

ما قصّة هذه المغارة؟ 

قبل حرب 1975 وحتّى أيّامنا هذه، كان الجميع يعرف كنيسة مار منصور ﺒ«الكنيسة يلّي فيها المغارة». والفضل يعود إلى ألبير خيّاط، أمين سرّ جمعيّة مار منصور دي بول آنذاك. إذ كان يشرع أبواب بيته عام 1946 للزوّار جميعًا حتّى يروا مغارته الميلادية المتحرّكة. وفي العام 1951، توافد الزوار بأعدادٍ كبيرة إلى منزل العائلة حتّى امتلأ. فقرّر خيّاط أن ينقل مغارته إلى كنيسة مار منصور، مقرّ الجمعيّة، في وسط المدينة.

الرّعاة يتوافدون إلى مكان ولادة المخلّص في مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق
الرّعاة يتوافدون إلى مكان ولادة المخلّص في مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق

وفي عرضٍ يدوم ربع ساعةٍ، استطاع ألبير خيّاط جذب المشاهدين بكلّ ما امتلك من إمكانيّات. وكان يحرّك الدمى الميلاديّة والمياه ويرمي غبارًا أبيض كالثّلج، فيخال الجمع نفسه في أحداث ميلاد الطفل يسوع كما جاءت في الأناجيل الأربعة. ومقابل ربع ليرةٍ لبنانية يعود ريعها إلى العائلات المحتاجة، اجتمع المشاهدون منتظرين الترانيم الميلادية، وأصوات البرق والرعد وانفجار الينابيع حتّى تتلألأ نجمة بيت لحم. ثمّ تُضاء المغارة لإعلان ولادة يسوع، فيتوافد الرعاة والمجوس.

تجسيد الحياة القرويّة في بيت لحم ضمن مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق
تجسيد الحياة القرويّة في بيت لحم ضمن مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق

متّى توقّف هذا التقليد؟ وكيف أُعيد إحياؤه؟

توقّفت المغارة الميلادية مع بداية الحرب اللبنانية عام 1975. إذ تهدّمت الكنيسة، ولم يبق شيء سوى الركام. وبعد أعوام كان نبيل خيّاط، نجل ألبير خيّاط، يتأمّل المغارة الميلادية في منزله. أراد أن يُعيد ذكرى والده، ففتح منزله لزوّار المغارة الميلادية. ولم يسع البيت، فراح يبحث عن جمعية مار منصور دي بول لإعادة إحياء هذا التقليد.

قرية بيت لحم في أثناء ولادة المسيح ضمن مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق
قرية بيت لحم في أثناء ولادة المسيح ضمن مغارة مار منصور، وسط بيروت. مصدر الصورة: موريس رزق

وعرف نبيل أنّ كنيسة مار منصور في وسط المدينة أصبحت ركامًا. لكنّه لم يستسلم. فقرر إعادة المغارة الميلادية إلى قلب العاصمة في الكنيسة المُهدَّمة.  

وبمساعدة الجمعية، استطاع نبيل، عام 2012، إعادة المغارة بتقنيات العرض الحديثة لمحاكاة هطول الأمطار والثلوج ودويّ الرعد. إلّا أنّ الظّروف حالت دون استمرار التقليد في خلال جائحة كوفيد-19 والأزمة الاقتصادية. وفي العام 2023، قرّرنا الاستمرار بهذا التقليد لكي يولد يسوع في وسط المدينة.

ولادة يسوع. مصدر الصورة: موريس رزق
ولادة يسوع. مصدر الصورة: موريس رزق

المزيد

كم يبلغ ثمن بطاقة الدخول؟ وما هو عدد الزوّار حتّى الآن؟

الدخول مجّاني. نحن في جمعية مار منصور دي بول لم نسعَ يومًا إلى الربح، بل هدفنا الأسمى هو إعادة فرح عيد الميلاد للجميع، صغارًا كانوا أم كبارًا.

عدد الزّوار حتّى الآن غير محدّدٍ، ولكنّ عدد التبرّعات تخطّى اﻟ2000. وبفضل المانحين، سيُعاد ترميم هذه الكنيسة كي تصبح مكان عبادةٍ ومركزًا ثقافيًّا واجتماعيًّا وروحيًّا.

كنيسة مار منصور في وسط مدينة بيروت، لبنان. مصدر الصورة: صفحة جمعيّة مار منصور في فيسبوك
كنيسة مار منصور في وسط مدينة بيروت، لبنان. مصدر الصورة: صفحة جمعيّة مار منصور في فيسبوك

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته