الرهبانيّة المخلّصيّة تستذكر مؤسّسها... من هو أفتيميوس الصيفيّ؟

المطران أفتيميوس الصيفيّ وصورة قديمة لدير المخلّص العامر في بلدة جون، لبنان المطران أفتيميوس الصيفيّ وصورة قديمة لدير المخلّص العامر في بلدة جون، لبنان | مصدر الصورة: الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة

منذ العام 1683، تسير الرهبانية الباسيلية المخلّصية على خطى مؤسّسها وتسترشد بكلماته وتستلهم فكره وغيرته على إيمانه حدّ السجن. فمن هو هذا المؤسّس الغيور الذي رسمت الرهبانيّة مسارها ومسيرتها بناءً على وصيّته؟

احتفلت الرهبانية الباسيلية المخلصية بعيد مؤسسها المطران أفتيميوس الصيفي وذكرى مرور 300 سنة على انتقاله إلى الأخدار السماوية، وذلك في دير المخلص العامر-جون (قضاء الشوف، لبنان) بحضور بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي.

وقال الرئيس العام للرهبانية الأرشمندريت أنطوان ديب: «منذ تأسيسها عام 1683 مَدَّت الرهبانية كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك بـ9 بطاركة، آخرهم البطريرك غريغوريوس الثالث، و54 أسقفًا، وأكثر من ألف راهب وكاهن، بينهم المكرّم الأب بشارة أبو مراد ابن زحلة».

وأكّد ديب حفاظ الرهبانية على وصية المؤسّس الصيفي عندما قال: «أنا أسّستكم وصيّرتكم قربانةً رهبانيّةً مقدّسةً وجئتُ بكم من أماكن مختلفة وبلادٍ بعيدةٍ متفرّقة، وكمّلتكم بالوسم الكهنوتيّ المقدّس، ووضعتُ بعضًا منكم في خدمة الرعيّة الكاثوليكيّة، ليس لكي أمكثَ هنا بطّالًا مستريحًا، بل لكي أجدّ بواسطتكم في فلاحة كرم المسيح في رعيّتي وفي كلِّ مكان».

وجرى افتتاح متحف خاص بمقتنيات المطران أفتيميوس، وترأس ديب قداسًا احتفاليًّا في كنيسة دير المخلّص شهد في ختامه تجديد النذور الرهبانية. حضر الاحتفاليّة والقداس، إلى جانب البطريرك العبسي، البطريرك السابق غريغوريوس لحام، والسفير البابوي في لبنان باولو بورجيا، وحشد من مطارنة الروم الكاثوليك من مختلف الرعايا في لبنان، وشخصيّات روحية وسياسية وجمع من المؤمنين. 

دير المخلّص العامر في بلدة جون، لبنان. مصدر الصورة: الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة
دير المخلّص العامر في بلدة جون، لبنان. مصدر الصورة: الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة

ما قصّة المطران أفتيميوس؟

هو ميخائيل الصيفيّ. وُلد في دمشق نحو العام 1643، ويعود أصل عائلته إلى مدينة بعلبك، كما يشير موقع الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة في معرض سرد سيرته. تلقّى علومه في الدار البطريركيّة-دمشق، وتمعّقت ثقافته بعد تواصله مع الآباء المرسَلين من يسوعيّين وكبّوشيّين وغيرهم، والذين كانوا قد بدأوا يتوافدون إلى الشرق.

أتقن الطبّ العربيّ، وعندما انتُخب أسقفًا على أبرشيّة صيدا، سعى إلى فتح مستشفى في المدينة كي تهتمّ بالحجّاج الوافدين إلى الشرق وتعتني بالفقراء. رسمه المطران ناوفيطوس الصاقزي شمّاسًا إنجيليًّا عام 1666، ثمّ كاهنًا نحو العام 1668، فأخذ يعمل في الدائرة البطريركيّة.

ولشهرة فضيلته وعلمه، طالب به أعيان مدينة صيدا أسقفًا عليهم، خلفًا للمطران إرميا، فرسمه البطريرك كيرلس الخامس عام 1682، واتّخذ اسم أفتيميوس، وفقًا لما تذكر الرهبانيّة.

عمل المطران أفتيميوس جاهدًا لتعزيز الوجود المسيحيّ في أبرشيّته، فأتى بعائلات ملكيّة من سوريا وأسكنها في منطقة صيدا وجوارها. كما عمل جاهدًا في سبيل وحدة المسيحيّين مع الكرسيّ الرسوليّ في روما. وعانى من أجل ذلك الاضطهاد والرذل. كُلِّلت غيرته على إيمانه الكاثوليكيّ بسجنه في قلعة صيدا، مدّة 90 يومًا.

وفي إثر خروجه من السجن، أجرى زيارة راعويّة في أنحاء أبرشيّته، كما زار دير المخلّص، ثمّ توجّه إلى دمشق، وهناك توفّيَ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1723، متأثّرًا بآكلة السلاسل التي كان مقيّدًا بها عندما كان مسجونًا في صيدا، على ما يشير موقع الرهبانيّة.

دير المخلّص العامر في بلدة جون، لبنان. مصدر الصورة: الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة
دير المخلّص العامر في بلدة جون، لبنان. مصدر الصورة: الرهبانيّة الباسيليّة المخلّصيّة

تأسيس الرهبانيّة

في ما يتعلّق بتأسيس الرهبانية الباسيلية المخلّصية، يذكر الموقع نفسه أنّ المطران الصيفيّ تسلّم مهامه الراعويّة في أبرشيّته، التي كانت تمتدّ من نهر الدامور شمالًا إلى عكّا جنوبًا، ومن ساحل صيدا غربًا إلى وادي التيم شرقًا.

وشرع في البحث عن كيفيّة تأمين الخدمة الروحيّة للمؤمنين القاطنين فيها. واستطاع في وقت قصير أن يجمع حوله عددًا من الكهنة، فشكّلوا نواة الرهبانيّة التي كان مصمّمًا على إنشائها، وكان ذلك نحو العام 1683. فسكنوا معه في دار المطرانيّة في صيدا، يعيشون حياة الجماعة والرسالة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته