الأب روني سالم يروي خبرته الإيمانيّة عن فاجعة عرس بغديدا

من مراسم دفن عددٍ من ضحايا حريق العرس في بغديدا، العراق من مراسم دفن عددٍ من ضحايا حريق العرس في بغديدا، العراق | مصدر الصورة: إذاعة صوت السلام

تحوّلت الأنظار في الأيّام القليلة الماضية إلى بغديدا-قره قوش في محافظة نينوى شمالي العراق بعد فاجعة عرسها الذي انقلبت ضحكاته بكاءً واستحالت فرحته وَجَعًا «على فراق الأحبّة الراقدين على رجاء القيامة وألمًا مع الموجوعين، حروقهم تُحرِق قلوبنا وأوجاعهم تدمي عيوننا».

هكذا وصف الأب روني سالم أمين سر مطرانية السريان الكاثوليك في الموصل خبرته الإنسانيّة والإيمانيّة عن فاجعة عرس بغديدا في حديث خاص لـ«آسي مينا»، واللحظات الطافحة بالألم التي عاشها مع البغديديّين بكلّ صعوباتها وخبراتها. 

وأوضح أنّ المأساة بدأت في الساعة العاشرة والربع ليل الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول 2023 حينما شاهدوا أعمدة الدخان تتصاعد من قاعة الأعراس. وشرح أنّه تلقّى اتصالًا من راعي الأبرشيّة يشدّد على الاتصال بمركز الدفاع المدني غير البعيد، ليصل رجال الإطفاء موقع الفاجعة بعد اتصالات عدّة،  ولكن بعد فوات الأوان واحتراق القاعة بالكامل.

وعن خبرته الإنسانيّة المؤلمة في خلال مرافقته المصابين إلى المستشفيات قال سالم: «كيف يمكن أن نصف المصيبة؟ 83 رفاتًا لأبنائنا، نصلّي ونقدّس معًا كلّ يوم لكننا لم نستطع التعرّف عليهم، الحروق والدماء أخفت ملامحهم، ألا نعرف أبناءنا؟!».

وتابع: «بدأت بعدها رحلة ألمٍ أخرى في زوايا الطبّ العدلي. عمل راعي الأبرشيّة المطران بنديكتوس يونان حنّو والآباء الكهنة كخليّة نحل متنقّلين بين المستشفيات للتعرّف على الضحايا وتدوين أسمائهم ونشرها لطمأنة ذويهم». 

وعن شعوره بحضور الله في هذه التجربة المريرة بيّن أنه لمسه في كلّ خطوة «الكوادر الطبيّة الهارعة في مستشفى الحمدانيّة لإنقاذ المصابين، رغم الأعداد التي فاقت الإمكانيّات، والسيطرات الأمنيّة المفتوحة أمامنا لنصل مستشفيات الموصل بالسرعة القصوى، والكوادر الطبيّة التي انتظرتنا هناك كالملائكة على الأبواب عاملين بدأبٍ ومحبّة وعزيمة تفوّقت على ضعف الإمكانيّات، كلّ هذا تدبير الله وعلامة حضوره».

وأضاف سالم: «يد الله عملت في شباب الموصل المسلمين، وقد أحاطوني بمحبتّهم وكلّهم ينادون: أبونا ماذا يلزمكم؟ تبرعوا بالدم ووفروا ملابس وأغطية بكميّات كبيرة وكلّ ما نقص في المستشفيات من لوازم طبيّة سارعوا إلى سدّه». 

وأردف: «ككاهن يمكن أن أرافق شخصًا أو اثنين، أمّا أن ترافق مئات يواجهون الموت، فهذه خبرة صعبة لم تخطر يومًا لي. اليوم أنا كلّ أهلهم، وقّعت على أوراق دخول هذه المرأة إلى المستشفى، وسلّمتني ذهبها وأوصتني بزوجها متمنيّةً أن يكون حيًّا ثم رحلت إلى السماء. وتلك الطفلة التي ماتت أمامي، وذلك الطفل الذي قال لي باكيًا: أبونا، لا أريد أن أموت. وطلب أن أحتضنه ولم أستطع لشدّة آلامه وحروقه، مكانهما اليوم في أحضان الآب». 

وشدّد سالم على أنّ «أمام موت الأحبّة، لا يسعنا إلّا أن نقول بشجاعة نحن أبناء الرجاء، نؤمن بأنّ الموت ليس إلا بداية جديدة لحياة أبديّة تنتظرنا في الملكوت السماوي في حضن الآب».

يُذكر أنّ عدد الوفيات تجاوز الـ100 اليوم، أما المصابون في المستشفيات فبلغ عددهم قرابة 150. نرفع صلواتنا راحةً لأنفس شهداء عرس بغديدا وعلى نيّة شفاء الراقدين في المستشفيات يعانون الأوجاع،  ونقول مع آلامك يا يسوع. فهذا هو إيماننا ورجاؤنا.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته