هل غطاء الرأس واجبٌ على المرأة المسيحيّة؟

تغطية رأس المرأة موضوعٌ شائق وشائك يثير تساؤلات كثيرة تغطية رأس المرأة موضوعٌ شائق وشائك يثير تساؤلات كثيرة | مصدر الصورة: Femme à part/Pinterest

ليس التركيز على أهمّية شَعر المرأة وليد اليوم، فله جذوره الموغلة في القدم. وبين تغطيته وكشفه تطوّرت بعض المفاهيم الدينيّة والمجتمعيّة وتداخلت ليغدو اليوم موضوعًا شائقًا وشائكًا يثير تساؤلات كثيرة.

لا ترتبط أصول تغطية شعر رأس المرأة بديانة سماويّة بل يتّفق علماء التاريخ على أنّ الحضارات النهرينيّة هي أوّل من فرض الحجاب على المرأة قرابة الألف السادس قبل الميلاد، كما بيّن المطران حبيب هرمز راعي أبرشيّة البصرة الكلدانيّة في حديث خاص لـ«آسي مينا». وأوضح أنّ التشريع الرسميّ الأوّل نجده منشورًا ضمن شريعة حمورابي حينما اتحد الكلدان والآشوريون (1365-910 ق.م).

يفرض التشريع البابليّ تغطية الشعر على المرأة الحرّة وعلى الخادمة إذا سارت مع سيدتها والبغيّ إذا تزوجت. فيما يُسمح للفتاة وخادمة المعبد والبغيّ بالسفور.

غطاء رأس المرأة في إنكلترا في القرن الخامس عشر. مصدر الصورة: Scroll publishing/Pinterest
غطاء رأس المرأة في إنكلترا في القرن الخامس عشر. مصدر الصورة: Scroll publishing/Pinterest

وأشار هرمز إلى أنّ تأثير القوانين البابلية انتقل إلى مناطق سيطرة الإمبراطورية ليشمل اليهود والوثنيين، شارحًا أنّ اليهود شرّعوا تغطية الرأس لاحقًا.

ورجّح أن يكون حجاب المرأة في القرون المسيحيّة الأولى بسبب تعميد نساء يهوديّات أو وثنيّات فنقلنَ عاداتهنّ القديمة. وأضاف: «سرت لدى سكان الموانئ المقدونية (اليونان حاليًّا) قوانين مشابهة تفرضه على المتزوّجات حصرًا لتجنيبهنّ تحرّش عمّال السفن ومشكلات الباحثين عن بائعات الهوى». 

رسومٌ شاهدة

واجهت الكنيسة الأولى مشكلات الفهم السطحيّ لحقيقة «الحرّية في المسيح» التي أعلنها بولس. فأصبحت المؤمنات السافرات عرضةً للتحرّش في طريقهنّ إلى الكنيسة، كما اتهمت بعض الجماعات اليهودية المسيحيين بممارسات لاأخلاقية داخل الكنائس، كرهًا لهم من جهة ولأنّ النساء يذهبنَ من دون غطاء الرأس من جهة أخرى، فطلب بولس من النساء تغطية شعورهنّ، بحسب هرمز.

نقش من دياميس روما يصوّر امرأةً مسيحيّةً تغطّي رأسها في القرون المسيحية الثلاثة الأولى. مصدر الصورة: المطران حبيب هرمز
نقش من دياميس روما يصوّر امرأةً مسيحيّةً تغطّي رأسها في القرون المسيحية الثلاثة الأولى. مصدر الصورة: المطران حبيب هرمز

وذكر أنّ رسوم الدياميس في روما تُظهر نساءً مسيحيّات يغطينَ رؤوسهنّ، فضلًا عن غطاء رأس الراهبات المذكور في كتاب العذارى لترتليانوس. وبعض النساء، في القرن الرابع، كنّ يغطينَ وجوههنّ باللون الأبيض في الأعراس وبالأسود في المآتم.

وأوضح هرمز أنّ ذكر غطاء وجه المرأة ورد في الشعر العربي قبل الإسلام كـ«قناع» يغطّي الوجه كلّه تارةً. وتارةً كـ«خِمار» يغطّي الوجه كاشفًا العينين. 

وأردف: «في القرنين الخامس والسادس اهتمت مملكة المناذرة المسيحيّة بتغطية وجه المرأة ومثلها مملكة نجران المسيحيّة، بحسب الروايات التاريخيّة. وعرفت التدمريّات (وسط سوريا) تغطية الشعر قبل الإسلام، ورسوم معبد الإله بعل (التي دمّرها داعش) شاهدة على ذلك».

رسوم معبد الإله بعل في سوريا لغطاء شعر التدمريّات قبل الإسلام. مصدر الصورة: مشروع تل الصبي الأبيض
رسوم معبد الإله بعل في سوريا لغطاء شعر التدمريّات قبل الإسلام. مصدر الصورة: مشروع تل الصبي الأبيض

وتابع: «وردت في سورَتي النور والأحزاب آيات حول جلباب المرأة وتغطية أجزاء من جسدها. أمّا الحجاب كما نعرفه اليوم فقد أقرّه العباسيّون لاحقًا».

وخلص هرمز إلى القول: «تعلّمنا الكنيسة أنّ النقاوة تقتضي الحشمة» والأساس ألا يكون المؤمن سبب عثرة لأخيه.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته