اختتام سينودس الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة… ما أبرز المقرّرات؟

صورة للسينودس السرياني المنعقد في بغديدا بين 10 إلى 15 من سبتمبر/أيلول 2023 صورة للسينودس السرياني المنعقد في بغديدا بين 10 إلى 15 من سبتمبر/أيلول 2023 | مصدر الصورة: رغيد ننوايا/آسي مينا

اختتمت الكنيسة السريانية الكاثوليكية أعمال السينودس في دورته العادية لهذا العام في بغديدا العراقية اليوم، برئاسة البطريرك إغناطيوس يوسف الثالث يونان، بعدما امتدّ من 10 إلى 15 سبتمبر/أيلول الجاري.

وأصدر المجمع المقدس للكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة البيان الختامي في خلال مؤتمر صحافي ترأسه يونان، وتلا البيان الختامي رئيس أساقفة بغداد وأمين سر السينودس المقدس المطران مار أفرام يوسف عبّا، من كاتدرائيّة الطاهرة الكبرى في بغديدا.

بعد استعراض ما تخللته الأيام الأولى من أنشطة روحية، أكّد البيان أنّ آباء السينودس رفعوا رسالة إلى البابا فرنسيس ملتمسين منه الصلاة والبركة الرسولية لأجل نجاح أعمال المجمع الذي تضمّن جدول أعماله عددًا من الشؤون الكنسية والروحية والراعوية والاجتماعية والوطنية.

وشدد البيان على أنّ الآباء عرضوا أوضاع الأبرشيات في بلاد الشرق ودرسوا واقع الحياة والنشاطات وتوقفوا عند ما يعانيه أبناؤهم بسبب الأوضاع الصعبة والاضطهادات وأعمال العنف والإرهاب والتهجير والقتل والتدمير واقتلاع عدد كبير من رعاياهم من أرض الآباء والأجداد. كما لم يغفلوا بحث شؤون الكنيسة في بلاد الانتشار في أوروبا والأميركيتَيْن وأستراليا.

الدعوات الكهنوتية والرهبانية

في الشؤون الكنسية والراعوية، توقف الآباء عند وضع إكليريكية سيدة النجاة البطريركية في دير الشرفة بلبنان، مقدّمين الشكر إلى إدارة الإكليريكية على الجهود المبذولة لتنشئة الإكليريكيين، ومنوّهين بضرورة إيلاء الدعوات الكهنوتية والرهبانية في الأبرشيات والرعايا والإرساليات العناية والرعاية ودعم خدمة الإكليريكية بتكريس يوم خاص للدعوات في كلّ الكنائس السريانية في الشرق والغرب. وقد ذكّر الآباء بالقرار الذي اتخذوه العام الماضي بتخصيص الأحد الثالث بعد القيامة لتقديم القداديس والصلوات على نيّة الدعوات وجمع التبرعات لدعم التنشئة الإكليريكية.

كما شدد الآباء على الدور المحوري للشبيبة في حياة الكنيسة، إذ إنّهم قلبها النابض وأملها الباسم لمستقبل مزهر، وعلى ضرورة زرع بذور الإيمان الراسخ في قلوبهم وسط المغريات الكبيرة والتحديات التي تجابههم. وعُرضت آخر الزيارات والنشاطات التي أجرتها راعوية الشبيبة في 13 دولة.

وتوقف البيان عند العلاقة بين الكنيسة والسياسة، مشيرًا إلى أنّ الآباء أكدوا أنّ واجب الكنيسة أن تدافع عن المبادئ الوطنية العامة وكرامة الإنسان وتلتزم حماية المظلومين المستضعفين وتوجيه المؤمنين إلى المشاركة في الحياة العامة وخدمة الوطن بنزاهة وحرية، وأن تهتم بالخدمة الروحية من دون التهرب من مسؤوليتها ولكنها لا تتبنى موقف أي طرف أو جهة.

مؤتمر عام للكهنة

وأشار البيان إلى عقد مؤتمر عام للكهنة لتعزيز روابط المحبة والشركة وتبادل الخبرات في ربيع عام 2025. وفي الشقّ المتصل بسينودس الأساقفة الروماني، لفت البيان إلى أنّ الآباء درسوا التحضيرات الجارية لعقد سينودس الأساقفة الروماني «من أجل كنيسة سينودسية: شركة ومشاركة ورسالة»، والذي سيُعقد على دورتين الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2023 والثانية في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وتداولوا مشاركة الكنيسة السريانية الكاثوليكية في المرحلة القارية التحضيرية لهذا السينودس.

وعن العلاقات الأخويّة بين الكنائس، أضاف البيان: «بما أنّ خطاب الكنيسة في السنوات الأخيرة يركّز على موضوع المسيرة السينودسية يرى الآباء أنّ من الضرورة بمكان عودة الكنيسة إلى الذات… الكنيسة الأم في الشرق وكنيسة الانتشار». كما بحث الآباء موضوع الهجرة وتداعياته السلبية الخطيرة على واقع حياة الكنيسة في الشرق، متوقفين بشكل خاصّ عند هجرة العائلات.

أزمات لبنان وسوريا

في تعريج على الواقع اللبناني، أكّد البيان أنّ الآباء حضّوا المسؤولين ولا سيما المسيحيين منهم على أن الاتحاد بالتضامن ورصّ الصفوف للحفاظ على هذا الوطن الرسالة في ظلّ تعاظم الأزمات التي تهدّد وجوده وفي خضمّ التحديات الكبيرة وما يكابده المواطنون بعد تبخّر أموال المودعين في المصارف وسواها من الأزمات التي تنهش جسم الدولة.

ولفت البيان إلى أنه لم تغب عن بال الآباء المعاناة المتمادية لأبناء الشعب السوري عمومًا وللمؤمنين خصوصًا في ظلّ استمرار الحصار الجائر على الشعب السوري وتداعيات أعمال العنف والهجمات الإرهابية في مناطق عدة. وطالب الآباء برفع هذا الحصار، مؤكّدين استمرارهم في رعاية شؤون المؤمنين وخدمتهم على الرغم من التحديات الكثيرة، وبخاصّة تردي الوضع الاقتصادي وما ينتج عنه من هجرة كثيفة بحثًا عن عيش كريم. فضلًا عن تداعيات الزلزال المدمر في السادس من فبراير/شباط الماضي والذي أصاب أجزاء من البلد وخلّف الدمار والخراب.

واقع الساحة العراقية

كما تطرق الآباء إلى واقع الساحة العراقيّة، فاستذكروا «الأحداث الأليمة التي أصابت كنيسة العراق بشكل عام وكنيستنا بشكل خاص منها مجزرة كاتدرائية سيدة النجاة في بغداد واقتلاع أبناء شعبنا من الموصل وسهل نينوى. وقد زار آباء السينودس كنائس الموصل وشاهدوا حجم الدمار الذي لحق بالكنائس وأحياء المدينة، وما انعقاد السينودس في الموصل-بغديدا إلا رسالة رجاء وتشجيع يوصلها الآباء إلى أبنائهم لتعزيز ثباتهم في أرضهم التاريخية. وهم يطلبون من الحكومة العراقية أن تولي هذا الشعب الأصيل اهتمامها وتلبي حقوقه الشرعية وفقًا للدستور العراقي. وقد عبر الآباء عن فرحهم بترميم كنيسة مار توما الرسول في الموصل، لما لهذا القديس من دور رائد في حمل بشرى الإنجيل ونشرها في العراق وبلاد الشرق. ومن خلال زيارة الآباء أبرشيتَي الموصل وحدياب-أربيل، لمسوا فرح المؤمنين وهي علامة مشجعة لكنيستنا السريانية».

مصر والانتشار

المزيد

أردف البيان: «بحث الآباء أوضاع أبنائهم في مصر التي تنعم بالأمان بسبب حكمة قيادتها ومسؤوليها، والأردن الذي يعمل على تعزيز الاحترام المتبادل والطمأنينة بين جميع أبنائه، والأراضي المقدسة التي تنشد السلام والمسامحة وقبول الآخر، والخليج العربي حيث يعمل عدد من المؤمنين ويعيشون بكرامة وحرية، وتركيا التي يسعى أبناء الكنيسة جاهدين إلى الحفاظ على حضورهم فيها متابعين شهادتهم للربّ ولأرض الآباء والأجداد».

كما تناول الآباء شؤون المؤمنين في الانتشار في أوروبا والأميركيتَيْن وأستراليا، حيث يتمتعون بحقوقهم الإنسانية والوطنية لكنهم يجابهون تحدّي الحفاظ على إيمانهم وتراث آبائهم وأجدادهم، بحسب البيان.

هذا وشارك 18 من أساقفة الكنيسة السريانيّة الكاثوليكيّة في أعمال السينودس المنعقد في العراق للمرة الأولى في التاريخ. وتغيّب عن أعماله 5 أساقفة تعذّرت مشاركتهم لأسباب صحية أو لتقدمهم في السنّ أو لعدم تمكّنهم من الوصول إلى بغديدا. 


رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته