الأيقونات والتماثيل بين الفنّ والإيمان المسيحي

لوحة تعبّر عن حرب الأيقونات في المملكة البيزنطية التي دامت 120 عامًا لوحة تعبّر عن حرب الأيقونات في المملكة البيزنطية التي دامت 120 عامًا | Provided by: Wikimedia Commons

يتجدّد الجدال بين فترة وأخرى حول التماثيل والأيقونات التي تصوِّر المسيح والعذراء وسائر القدّيسين، لا سيّما بين بعض أتباع الكنائس الإنجيلية المُصلِحة من جهة وأبناء الكنائس الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة من جهة أخرى؛ فالأخيرة لا تمانع احتضان تماثيل وأيقونات ولوحات فنية.

وفي هذا الصدد أوضح المطران حبيب هرمز، راعي أبرشيّة البصرة الكلدانية في حديث خاصّ إلى «آسي مينا»، أنّ الجهل بالمعارف الروحيّة والكتابيّة وطغيان العاطفة لدى الشرقيّين غلّبا الجانب الحسيّ على الفكري وتسبّبا في مغالاة بعضهم في إكرام الأيقونات والتماثيل لتبدو كأنها هي الهدف لا الربّ يسوع وإنجيله.

وبيّن أنّ العاطفة قد تدعو بعضهم إلى الركوع أمام صورة أو تمثال، لكنّ الناظر لا يفهم أنّ الراكع في داخله يقصد الركوع للمسيح المتجسِّد لا لصنم، مع ترابط الصلاة والصمت والتأمّل مع نصب أيّ رمز دينيّ.

وأوضح هرمز أن لا تشبيه يصوِّر الطبيعة الإلهية، بل نلاحظ أنّ الروح القدس يُرمز إليه بحمامة أو نار، فيما يقتصر التصوير على يسوع المتجسِّد والعذراء والقديسين. وأشار إلى أنّ التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة، الجزء الثاني الاحتفال بالسر المسيحي، الفقرة 1159 اعتبر أنّ «الصورة المقدسة، الأيقونة الليتورجيّة، تمثّل المسيح خصوصًا، ولا يجوز أن تمثّل الله الذي لا يُرى ولا يُدرك. إنّ ابن الله هو الذي افتتح بتجسده "نهجًا" جديدًا في استعمال الصور».

وبحسب التعليم نفسه، وبناءً على ما يشرح القديس يوحنا الدمشقي: «لم يكن ممكنًا على الإطلاق قديمًا أن يُمَثَّل بالصورة الله المنزّه عن الجسد والشكل. ولكن وقد ظهر لنا اليوم في الجسد وعاش مع الناس، يجوز لي أن أرسم صورة ما رأيت من الله. (...) فنحن نعاين مجد الرب بوجهه المكشوف». 

أيقونة جدارية للموعظة على الجبل في كنيسة آيا صوفيا - طرابزون، تركيا. Provided by: Selim Seval/Shutterstock
أيقونة جدارية للموعظة على الجبل في كنيسة آيا صوفيا - طرابزون، تركيا. Provided by: Selim Seval/Shutterstock

ورأى هرمز في حساسيّة المصلحين إزاء هذا الموضوع غيرةً على الكتاب المقدس مصدرها التزام بحرفية النص لا بروحه، فالآيات الواردة في (تث27:17) وما شابهها كُتبت قبل الميلاد بقرون.

وشرح أنّ العبادة في ذلك الزمان لم تكن مقتصرة على إله إبراهيم، بل ثمّة أصنام عدّة وأشهرها «بعل» ما يختلف كليًّا عن واقعنا اليوم. فالمسيحيّون كلّهم يعلنون إيمانهم بالإله الواحد: «نؤمن بإله واحد...»، رافضًا أيّ تشبيه بين عبادات الماضي والحاضر البعيدة كلّ البعد عمّا يتعصّب لأجله الإنجيليون، مذكِّرًا بحرب الأيقونات في المملكة البيزنطية التي دامت 120 عامًا. 

وعدّ هرمز الفنّ وسيلة تبشيريّة؛ فـ«الإيقونوغرافية المسيحية تنقل، بالصورة، الرسالة الإنجيلية التي ينقلها الكتاب المقدّس بالكلمة» بحسب التعليم عينه الذي حدّد تاليًا «بكلّ يقين وحقّ، أنَّ الصور المقدّسة وكذلك رسوم الصليب الكريم المحيي... يجب أن توضع في كنائس الله المقدّسة، وعلى الأواني والحلل المقدّسة، وعلى الجدران واللوحات، في البيوت وفي الطريق». 

وخَلص مطران البصرة إلى أنّ جمال الصور وألوانها تحفز على الصلاة والتأمّل، مؤكّدًا أنّ التماثيل والأيقونات ليست أصنامًا تُعبَد بل وسيلة للتكريم ولتقريب الأفكار والمساعدة على العبادة الصحيحة للإله الواحد.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته