كيف نفهم سرّ الثالوث الأقدس؟

الثالوث الأقدس في مجده. لوحة جداريّة من كنيسة الصليب المقدس في كومو-إيطاليا «الثالوث الأقدس في مجده» لوحة جداريّة من كنيسة الصليب المقدّس في كومو-إيطاليا | Provided by: Renata Sedmakova/Shutterstock

تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة بعيد الثالوث الأقدس في الأحد الذي يلي عيد العنصرة. ويحتلّ هذا السرّ الإلهي مكانًا مركزيًّا في الإيمان المسيحي باعتباره «أساس طريق الإيمان وغايته الأخيرة»، بحسب ما يقول القديس يوحنا بولس الثاني في براءة الإعلان عن يوبيل العام 2000، سرّ التجسّد (رقم ٣).

هذا السرّ كشفه لنا يسوع نفسه، كما جاء في كلمة البابا فرنسيس في صلاة التبشير الملائكي يوم 30 مايو/أيّار 2021. فقد جعلنا يسوع نتعرّف على وجه الله كأب رحيم. وقدّم المسيح نفسه لنا إنسانًا حقيقيًّا ومخلّصًا بذل حياته من أجلنا. وتكلّم عن الروح القدس المنبثق من الآب والابن، روح الحقّ البارقليط. كما كشف سرّ الثالوث الأقدس أيضًا عندما ظهر للرسل بعد قيامته وأرسلهم، قائلًا: «اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس» (متى 28: 19).

وأوضح فرنسيس في الكلمة عينها أننا في عيد الثالوث الأقدس «نحتفل بأنّ الله هو سرّ الإله الواحد: وهذا الله هو الآب والابن والروح القدس. ثلاثة أقانيم، ولكن الله هو واحد. الآب هو الله والابن هو الله والروح القدس هو الله. ليسوا ثلاثة آلهة بل إله واحد في ثلاثة أقانيم».

أحد الأسرار الخفيّة

يحاول الإنسان إدراك سرّ الثالوث عبر البحث في الكتاب المقدّس بعهديه القديم والجديد. لكن، بحسب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة (رقم 237)، يبقى الثالوث «سرّ إيمان بالمعنى الدقيق، وأحد "الأسرار الخفيّة في الله، والتي لا يمكن أن تُعْرَف إذا لم يوحَ بها من فوق"». ويخبرنا التعليم أيضًا «أن الله ترك آثارًا لكيانه الثالوثي في عمله الخلقي»، لكن «صميم كيانه، ثالوثًا مقدّسًا، لا يستطيع العقل البشري المجرّد أن يدركه، ولا إيمان إسرائيل نفسه، قبل تجسّد ابن الله وإرساله الروح القدس».

في هذا الصدد، أشار البابا بنديكتوس السادس عشر، في كلمة قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بمناسبة عيد الثالوث الأقدس في العام 2006، إلى أن أحدًا في هذا العالم لا يستطيع أن يرى الله. لكن الله عرّف عن نفسه، إذ يتمكّن المؤمنون من التعرّف إليه، مكتشفين أنّه ليس وحدةً لا نهاية لها، بل شراكة نور ومحبّة، بفضل الروح القدس الذي يساعد على فهم كلام يسوع ويرشد إلى الحق كلّه.

وأضاف بنديكتوس أنّنا لن نستطيع أن نفهم هذا السرّ ما لم ندرك أنّ الله محبّة. وأردف: «من يلتقي المسيح ويقيم علاقة صداقة معه، يقبل شركة الثالوث الأقدس، وفقًا لما وعد به يسوع تلاميذه: إذا أحبّني أحد، حفظ كلامي، فأحبّه أبي، ونجيء إليه، فنجعل لنا عنده مقامًا» (يو 14: 23).

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته