تمثال العذراء في كرمليس... رمز صمود كنيسة العراق

البابا فرنسيس يبخّر تمثال العذراء مريم المرمّم في خلال الذبيحة الإلهيّة بملعب فرانسو الحريري بأربيل في 7 مارس/آذار 2021 البابا فرنسيس يبخّر تمثال العذراء مريم المُرَمَّم في خلال الذبيحة الإلهيّة بملعب فرانسو الحريري بأربيل في 7 مارس/آذار 2021، وإلى اليسار التمثال المريمي كما كان في العام 2017 | Provided by: CNS photo-Vatican Media/Rami Albahadrey

في العام 2014، فرّ مسيحيّو بلدة كرمليس العراقيّة، الواقعة في سهل نينوى، من احتلال تنظيم داعش الإرهابي على رجاء العودة إلى ديارهم. لكن خرابًا جسيمًا أصاب المنطقة بعد تحريرها في العام 2017، وبالأخصّ كنيستها، حيث عُثِرَ على تمثال العذراء الشهير مقطوع الرأس. في الشهر المريمي، سألت «آسي مينا» راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة المطران بولس ثابت، خوري رعيّة كرمليس في ذلك الوقت، عن تفاصيل الحادثة.

قال ثابت: «عمَّ الخراب كنيسة مار أدّي، لكن اللافت أن تمثال العذراء كان موضوعًا على "البيم" -المنصّة- أمام المذبح حيث يقف الشمامسة، مقطوع الرأس واليدَيْن، و"أشلاؤه" ملقاة على الأرض». بعدما عاد الهاربون إلى بلدتهم، أرادوا الاطمئنان أوّلًا على الكنيسة، قبل أن يتفقّدوا بيوتهم. وأوضح ثابت أن الرموز الدينيّة في كنائس كرمليس ومقابرها وبيوتها، سواء أكانت صورًا أم تماثيل أم صلبانًا منحوتة أم كتابات كلدانيّة قديمة، كلّها دُنِّسَت، ومُزِّقَ كل ما هو ورقي.

المطران بولس ثابت يطّلع على الأضرار التي لحقت بكنيسة مار أدّي بعد تحريرها من داعش. Courtesy of the Chaldean Catholic Archdiocese of Erbil
المطران بولس ثابت يطّلع على الأضرار التي لحقت بكنيسة مار أدّي بعد تحريرها من داعش. Courtesy of the Chaldean Catholic Archdiocese of Erbil

رمزيّة التمثال المريمي

حملت زيارة البابا فرنسيس التاريخيّة للعراق في العام 2021 في أحد جوانبها رسالة دعم وتشجيع لمسيحييه، ولا سيّما النازحين والعائدين. كما مثّلت مساندة لعمليّات إعمار قراهم وبلداتهم. واختير تمثال العذراء ليباركه الأب الأقدس في القداس الذي ترأسه في أربيل. وأوضح ثابت أن حضور التمثال الذبيحة الإلهيّة كان ضروريًّا «كرمز يمثّل مناطق سهل نينوى المحرَّرة، وينقل إلى العالم صورة عن الخراب الذي طال مناطقنا وكنائسنا من جرّاء احتلال تنظيم داعش».

دلالات الترميم

رُمِّمَ التمثال وأُعِيدَ لصق رأسه بمساعدة فنّيين متخصّصين في أربيل.

وبيّن ثابت أن إعادة تركيب كفّيه تمّت بطريقة فنّية توضح أنهما كانتا مقطوعتين بفعل فاعل. وأضاف: «لا يزال التمثال يحتفظ بعلامات أخرى من آثار التكسير إذ كان مقصودًا ألا يشمله الترميم بأكمله ليبقى شاهدًا على حقيقة الوحشيّة التي مورست على هذه الأرض».

صورة من احتفال إعادة التمثال المريمي إلى كنيسة مار أدّي. Provided by: Thabet Habeb Yousif Al Mekko
صورة من احتفال إعادة التمثال المريمي إلى كنيسة مار أدّي. Provided by: Thabet Habeb Yousif Al Mekko

علامة رجاء

اليوم، عادت كنيسة كرمليس عامرة بمؤمنيها وزاهية بعد إعمارها. وإليها، عاد تمثال العذراء متّخذًا مكانه الجديد بجوار جرن المعمودية في إشارة إلى أن مريم هي صورة الكنيسة التي تلد أبناء لله بالمعموديّة، بحسب ثابت.

وخلص راعي أبرشيّة ألقوش الكلدانيّة عبر «آسي مينا» إلى القول إن تمثال مريم، على الرغم من كل ما لحقه من اعتداء، عاد إلى كنيسته الأمّ في كرمليس ليكون علامةً على أن الكنيسة قويّة وباقية في وجه التحدّيات الجسيمة التي تواجهها، وأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته