من الشك إلى نور اليقين

القديس توما الرسول يلمس جراحات المسيح القائم من الموت القديس توما الرسول يلمس جراحات المسيح القائم من الموت | Provided by: Mattia Preti (1613-1699)/NCR

في علاقتنا بالله، تغمرنا الشكوك وتكدّرنا وتعرقل مسيرتنا الإيمانيّة، خاصّةً حين نكتفي بها من دون البحث عن إجاباتها في المكان المناسب...

لذا، نجد أن كثيرين ابتعدوا عن الله لأنهم حوّلوا شكّهم قاعدة حياة واكتفوا به من دون تكليف ذواتهم عناء البحث عن الحقيقة حيث يجب، أي على ضوء تعليم الكتاب المقدّس وتقليد الكنيسة «الأمّ والمعلّمة»!

نتأمّل اليوم في لقاء الربّ مع مار توما الذي نرى فيه انعكاسًا لشكّنا وإيماننا في آن معًا، خاصّةً في نصّ يوحنا (يو 20: 26-31).

يشكّل مار توما نموذجًا في الشك. فمعظمنا، لدى افتراض غياب الله في مواقف أو ظروف محدّدة، يشكّك في قوّته أو قدرته ويبتعد رويدًا رويدًا عن حاضنة الجماعة الكنسيّة حيث دفء اللقاء مع الله!

بالطبع، يصعب على الإنسان، العقلاني بطبعه، أن يقارب الحياة بمنطق إيماني محض، فكلّ ما حولنا يدفعنا إلى استخدام المنطق بثقة شبه عمياء...

لكن هناك مسائل كثيرة لا تُفَسَّرُ بالعقل وإنّما بالحبّ والمحبّة، كتضحية الأمّ وشقاء الأب ومجّانيّة المتطوّع للخدمات الإنسانيّة...

كثيرون يحبّون مجّانًا وفق منطق فعل الندامة «الطفولي»، أي «لا طمعًا بالنعيم ولا خوفًا من الجحيم»، بل حبًّا بالربّ أوّلًا وبصورته ومثاله الإنسان، أي بالإيمان المبني على المحبّة!

ما جرى مع توما في إنجيل اليوم يشكّل دعوة لكل واحد منّا كي يعيد للإيمان قوّته ودفعه في حياته، فيفهم بالحبّ ويحبّ بكل جوارحه «من أجل الربّ»!

إن لقاء توما بالربّ جدّد الرجاء في قلبه وحطّم أغلال الشك باليقين...

يمكننا اعتبار مار توما مثالًا في الإيمان لكل من يبتغي إيجاد الإجابات المناسبة في المكان المناسب، فهو لم يبتعد عن الجماعة المؤمنة (الكنيسة الناشئة)، وهناك وجد الإجابة إذ التقى بالربّ يسوع، فجدّد إيمانه به!

هذا ما يدعونا إليه كل لقاء مع الربّ سواء بالإفخارستيا أو بالكلمة إذ نحطّم قيود الهموم والحاضر أو الماضي بعذوبة الربّ ومحبّته لنا التي تتجدّد كل يوم، وفق المقولة الشهيرة: «كل يوم هو فرصة لنا لنولد من جديد!».

لقد صُوِّرَ لنا توما دائمًا كمثالٍ للشك فقط، لكنه أيضًا نموذج للمؤمن الحقيقي؛ قلقه أحيا إيمانه حين دفعه إلى انتظار الربّ والالتقاء به وتجديد إيمانه، فانطبقت عليه مقولة القديس أغسطينوس: «قلبنا لن يستريح إلا بك»!...

الإيمان وحده هو العين التي تسمح للإنسان بـ«رؤية» الله وأعماله، إذ إن «الإيمان يسبق المعرفة» (القديس أغسطينوس). وترجمة هذا القول بالنسبة إلينا هو أن الإيمان يقود إلى المعرفة. لذا، أكد الربّ يسوع: «طوبى لمن لم يروا وآمنوا!». فمن آمن رأى وعرف وعلم...

ينتظرنا الربّ في الكنيسة، فهلمّوا إليه لنجدّد إيماننا ورجاءنا ومحبّتنا!

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته