ماذا أريد حقًّا من الله؟

معجزة شفاء الأعمى معجزة شفاء الأعمى | Provided by: Renata Sedmakova/Shutterstock/NCR

ليقم كلّ منّا باختبار بسيط: لنغمض عيوننا لفترة معيّنة...

سنلاحظ أننا نركّز في مرحلة أولى على السواد والظلمة، ونتنبّه بعدها للأصوات إلى درجة أن أدناها سيصبح واضحًا بالنسبة إلينا...

إنه الأحد الأخير في زمن الصوم وفيه نتأمّل معًا في الطقس الماروني، في آية شفاء الأعمى «برطيما» أي ابن طيما (مرقس 10: 46-52).

هذا الشحّاذ-الأعمى «سَمِعَ أنه يسوع الناصري» وأدرك أنه «يسوع ابن داوود» فوجّه إليه طلبه بوضوح: «ارحمني!»...

بمعنى آخر، عرف برطيما أن يستفيد من الصفتَيْن إيجابًا في تواصله مع الربّ يسوع:

-اعتاد هذا الأعمى أن يشحذ من الناس قوتًا أو مالًا لكنّه لم يسأل الربّ يسوع مالًا ولا نجاحًا ولا قوتًا ولا ملبسًا ولا حتى شفاءً (في أوّل مرحلة) بل دخل فورًا في صلب الموضوع وهو رحمة الله لبني البشر...

-أمّا العمى، فقد ساعده على أن يتعلّم الإصغاء، فأدرك من كلام الناس أن يسوع الناصري مارٌّ، وكان قد سمع الكثير عنه طبعًا كي يعني له الاسم إلى هذا الحدّ... لقد قاده الإصغاء إلى المعرفة، فنادى يسوع بلقب المسيح المنتظر أي ابن داود وتخطّى ذلك إلى طلب الرحمة، وهي لا تُطلب إلّا من الله وحده لما تتضمّنه من إيمانٍ بقدرةٍ تفوق قدرة الإنسان بكثير إذ من يرحم ويغفر إلّا الله وحده؟!

في المرحلة الثانية من الحوار، سأل الربّ يسوع الأعمى: «ماذا تريد؟». فأجابه: «أن أبصر!». الإبصار ليس النظر فحسب بل التنعّم بمعرفة ابن الله الوحيد، كما ترجّى طويلًا سمعان الشيخ وتحقّق رجاؤه فصرخ: «الآن، تطلق عبدكَ بسلام... لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك» (لوقا 2: 29-30)!

من المؤكد أن «برطيما» الأعمى كان أكثر فهمًا لهويّة يسوع من الكثير ممّن رافقوه، من ذوي الأعين التي ترى ولكن لديها قلوب لا «تبصر»:

-كثيرٌ منهم شكّكوا بألوهيّة الربّ يسوع.

-آخرون اندهشوا أمام الآيات التي كان يقوم بها وسرعان ما كانوا يعودون إلى سابق شكوكهم أمام أسخف صعوبة أو اعتراض من الفرّيسيين أو سواهم!

-الرسل، وهم الأقرب عمليًّا إلى الربّ يسوع، كانوا أحيانًا من الأكثر عرضة للشكوك!

أمام هذا الأعمى-المبصر جدًّا من الناحية الروحيّة، لا بدّ لنا من أن نسأل ذواتنا حول مدى إيماننا مقارنةً به ومدى إدراكنا لهويّة يسوع ربًّا ومخلّصًّا!

كم نحتاج أحيانًا إلى الانعزال عن انبهارنا بأضواء العالم كي نركّز سمعنا على الإصغاء إلى كلمة الله، فنُشفى من الداخل وندرك أن رحمة الربّ هي أغلى ما نملك وأهمّ ما يجب أن نسعى إليه في حياتنا، فننتقل من العمى المادّي أو الروحي إلى الإبصار الحقيقي ونتعرّف إلى وجه يسوع في وجه كلّ من نلتقي به في يوميّاتنا.

فليسأل كلّ واحد منّا ذاته اليوم: ماذا أريد حقًّا من الله؟ وما الشيء الذي سيعطي معنى لحياتي إذا ما حصلت عليه؟!

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته