إلى الله نسلّم تخلّعنا

معجزة شفاء المخلّع معجزة شفاء المخلّع | Provided by: Bartolomé Esteban Murillo, c. 1668/NCR

إنّه الأحد الخامس من زمن الصوم وفيه نتأمّل معًا، في الطقس الماروني، في آية شفاء المخلّع (مرقس 2: 1-12).

تختلف هذه الآية عن سابقتها إذ إنّ المخلّع لم ينطق بأيّ كلمة، بعكس الأبرص والابن الشاطر، ولم يقم شخصيًّا بأيّ مبادرة بعكس رئيس المجمع أو النازفة!

المخلّع، كما نستنتج، يُعتبر نموذجًا للشخص اليائس، فمرضه يجعله عاجزًا عن القيام بأبسط الأمور. ومع الوقت ونظرًا لبقائه في السرير، يتقرّح جسمه كالأبرص وينزف دمًا كالنازفة ويعتاد الظلمة كالأعمى.

هذا اليأس يقوده إلى عالم الصمت القاتل؛ بالنسبة إليه، لا الصلاة (عكس الأبرص) ولا المداواة (كالنازفة) ولا الأموال (عكس الابن الشاطر) قادرة على تحقيق ما يصبو إليه من صحّةٍ وسعادة!

أليس كلّ واحدٍ منّا مخلّعًا بهذا المعنى؟!

ألا نشعر بالتخلّع حين نصل إلى مرحلةٍ نميل فيها إلى الغرق في العزلة والتقوقع، رافضين مشاركة مشاكلنا مع أحد، لا شكًّا فيهم، بل قناعةً بعجزهم عن مساعدتنا؟! ...

هذا المخلّع الذي لا اسم له يجسّد حالة كلّ واحدٍ منّا يغلق قلبه وفكره أمام رحمة الله، فيصبح قلبه صلبًا كسطح البيت الذي كان فيه يسوع وتمزّقه الأهواء المتناقضة وتقوده كلّ واحدة منها باتّجاهها، فيضحي مخلّع القلب والروح!

غير أنّ هذا النوع من السطوح لا يخرقه سوى إيمان قويّ ورجاء أصلب لأناس يشبهون الرجال الأربعة الذين حملوه! فلنتخيّل لو أن الأربعة ذهبوا كلّ واحد منهم باتّجاه، أما كان ليزيد تخلّع المخلّع؟!

إن سرّ قوّة هؤلاء الرجال يكمن في وضوح هدفهم لأنّ يسوع كان وجهتهم وبغيتهم. لكنّ ما ميّزهم عن سواهم هو ابتكارهم للوسيلة المناسبة التي تدفعنا إلى السؤال: لماذا كان خرق السطح أسهل من اختراق الجماهير؟ أليس لأنّ قلوب الناس تكون أحيانًا أقسى من الطين والباطون، فتكون قلوبًا من «حجر» بدل قلوب للبشر؟!

في إنجيل اليوم، يعطينا الربّ يسوع تعليمًا واضحًا عن الخطيئة في سياق شفاء مخلّعٍ بالجسد كي يعلّمنا أنّ المفاعيل الخفيّة للخطيئة أقسى وأسوأ بكثير من مفاعيل التخلّع الجسدي الذي ربّما يعوق حركة الإنسان من دون أن يأسره ويشلّعه بعكس الخطيئة التي تُبقي على حركته، لكن ضمن دوّامة!

التوبة هي الدواء لهذا الداء الشنيع فهي تعيد إلينا الاستقرار الروحي حتى ولو أحاطت بنا عواصف التجارب... فالقلب هو دفّة سفينتنا والضمير هو البوصلة التي ترشدنا وسط كلّ الغيوم إلى ميناء الأمان، أي الله!

كلٌّ منّا مخلّع لكنّه قادرٌ، إن سلّم تخلّعه بإرادته للّه، أن يكون كمن حملوا المخلّع إلى الربّ يسوع!... فجذب الناس إلى الله لا يتطلّب منّا سوى أن نكون منجذبين إلى الله، فنشعّ بضيائه كما تعكس النجوم أضواء الشموس، فتنير ليل الكواكب الباقية التي تضيء بدورها سواها بانعكاس النور ذاته!...

فهَلُمُّوا نسلّم تخلّعنا إلى الله!

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته