من رحم محبّة الله

يسوع المسيح ونيقوديموس يسوع المسيح ونيقوديموس | Provided by: Matthias Stom, Jesus Christ and Nicodemus, ca. 1645 (Public Domain)/NCR

في مجتمعاتنا، نجد أنّ المحبّة في قاموس البعض هي مجرّد كلماتٍ فقط...

أمّا في عرف الله، فهي فعلٌ ثابتٌ لا مجرّد إحساسٍ أو شعورٍ يضعف أو يضمحلّ مع الوقت...

هذا ما يتبيّن لنا من خلال حوارٍ شيّق بين معلّم الشريعة «العتيق» نيقوديموس ومعلّم «شريعة المحبّة» يسوع المسيح، حفظه لنا يوحنا الإنجيلي (يو 3: 1-16).

هذا الحوار بدأ بسؤالٍ حول الولادة الجديدة، فكانت الإجابة بتأكيد الربّ أنّ محبّة الله للعالم تفوق كلّ ما يتخيّله إنسانٌ إذ «أَحَبَّ اللهُ العَالَم حتَّى إِنَّهُ جَادَ بِابنِهِ الوَحِيد لِكَي لا يَهْلِكَ أَيُّ مُؤْمِنٍ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة»...

قاد الربّ يسوع نيقوديموس بتسلسل رائع كي يعلم أنّ الولادة بالروح هي نتيجة لمحبّة الله وغنى فدائه للبشريّة، والذي أشار إليه قائلًا: «كَمَا رَفَعَ مُوسَى الحَيَّةَ في البَرِّيَّة، كَذلِكَ يَجِبُ أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَان لِكَي تَكُونَ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بِهِ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة» بمعنى أنّ الولادة الجديدة لما تحقّقت أبدًا لولا الفداء.

في هذا الإطار، قال البابا فرنسيس: «خلق الله العالمَ حسنًا وجميلًا، لكن بعد الخطيئة دخل الشرّ والفساد إلى العالم. كلُّنا خطأة، رجالٌ ونساء، كلُّنا، وبالتالي كان يمكن لله أن يتدخّل ليدين العالم، ويدمّر الشرّ، ويعاقب الخطأة. لكنَّ الله، بدلًا من ذلك، أحبّ العالم بالرغم من خطاياه. إنّ الله يحبّ كلّ واحد منّا حتّى عندما نخطأ ونبتعد عنه. يحبّ الله الآب العالم لدرجة أنه، ولكي يخلّصه، قدّم أثمن ما لديه، قدّم ابنه الوحيد الذي بذل حياته من أجل البشر، فمات وقام وعاد إلى الآب، ومع الآب أرسل الروح القدس إلى العالم. لذلك، فإنّ الثالوث الأقدس هو محبّة، كلّه في خدمة العالم الذي يريد الله أن يخلّصه ويخلقه خلقًا جديدًا. واليوم إذ نفكّر بالله، الآب والابن والروح القدس، نفكّر بمحبّة الله لنا! ما أجمل أن نشعر بمحبّة الله لنا. "الله يحبّني": هذا هو شعورنا اليوم!» (صلاة التبشير الملائكي، يوم الأحد 7 يونيو/حزيران 2020).

لقد خلّصنا الله فعلًا لأنّه يحبّنا... ولكي نعي حجم محبّة الله لنا، علينا أن نعود إليه، على مثال نيقوديموس، فنتتلمذ على يديه ونولد من جديدٍ من رحم محبّته لنا بواسطة معرفتنا له وإيماننا به، فنتمكّن من اختراق ظلمة ليلنا الروحي عبر التأمّل بنور يسوع الذي يكشح كلّ غيوم اليأس وظلمة الشكوك ويعيدنا أبناء أحبّاء لله!

كلّ منّا بمقدوره أن يعيش غنى هذا الحوار كلّما التقى بالربّ في الإفخارستيا أو في الصلاة أو في التأمّل في الكتاب المقدّس وخاصّة في أعمال الرحمة تجاه إخوتنا البشر والتي تترجم تقديرنا لعمل الربّ الخلاصي وسعينا الصادق لمبادلته الصنيع مع كلّ متألّم أو محتاج أو مريض أو فقير أو مظلوم...!

ولكن، هل نحن مثل نيقوديموس نستمتع باللقاء أو نحسب الدقيقة والثانية كي ننهي الحوار معه لانشغالنا بما نعتبره ربّما أهمّ؟!

يدعونا هذا اللقاء إلى إرساء حوارٍ دائم مع الربّ، فتصبح كلماتنا ترجمةً لكلمته وحضوره في حياتنا وشهادةً لولادتنا الجديدة به ومن أجله!

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته