تحدّيات الإعلام الكاثوليكي في لبنان... آمال نورانيّة تلوح في خضمّ الأزمات

تحديات الإعلام المسيحي-1 تضرّر استوديوهات "تيلي لوميار ونورسات" جراء انفجار بيروت | Provided by: Télé Lumière
تحديات الإعلام المسيحي-2 تضرّر استوديوهات "تيلي لوميار ونورسات" جراء انفجار بيروت | Provided by: Télé Lumière
تحديات الإعلام المسيحي-3 كلاسي وكريدي يعاينان الأضرار التي تعرّضت لها استوديوهات تيلي لوميار ونورسات | Provided by: Télé Lumière
تحديات الإعلام المسيحي-4 تضرّر استوديوهات "تيلي لوميار ونورسات" جراء انفجار بيروت | provided by: Télé Lumière/ACI MENA
تحديات الإعلام المسيحي-5 تضرّر استوديوهات "تيلي لوميار ونورسات" جراء انفجار بيروت | Provided by: Télé Lumière
استوديو تيلي لوميار استوديو تيلي لوميار | Provided by: Télé Lumière
استوديو تيلي لوميار-2 استوديو تيلي لوميار | Provided by: Télé Lumière

"إن الإعلامي المسيحي يتبنّى الأسلوب الإنجيلي ويبني الجسور، وهو صانع سلام، ولا سيّما في البحث عن الحقيقة" (كلمة البابا فرنسيس الموجّهة إلى أعضاء الاتحاد الدولي لوسائل الإعلام الكاثوليكيّة في كانون الثاني 2022).

انطلاقًا من تحديد الأب الأقدس دور الإعلام المسيحي من بناء الجسور والسلام والبحث عن الحقيقة، ما تحدّيات الإعلام الكاثوليكي في لبنان؟ ما الخطوات المكلّلة بالنجاح التي حقّقها؟ ما تداعيات كورونا وأضرار انفجار بيروت على الإعلام المسيحي المرئي؟ ما الحلول المطروحة لمعضلات الإعلام المسيحي في لبنان؟

تحدّيات الإعلام الكاثوليكي في لبنان

في حديث خاصّ لـ"آسي مينا"، أكدت مديرة البرامج في تيلي لوميار ونورسات ماري-تريز كريدي أن تحدّيات الإعلام الكاثوليكي في لبنان كثيرة على الرغم من النجاح في الحوار ولقاءات المصالحة والخيارات الصحيحة التي تبنّاها الإعلام المسيحي، وتكمن في محدوديّة الأمور التقنيّة والموارد الماديّة.

وشدّدت على اهتمام الإعلاميين المسيحيين بالتواصل والتفاعل مع الفئات الشابّة، لافتة إلى أن التحدّيات كبيرة لأن المضامين لا تكفي كي تجذب الشباب بل يجب العمل على الشكل والصورة والأدوات المستخدمة لتبلغ الرسالة أهدافها المرجوّة.

وتابعت ماري-تريز: لا يمكن أن نجذبهم من خلال البرامج التلفزيونيّة بشكل دائم، ما يجعلنا ننتقل إلى المحتوى المخصّص لمواقع التواصل الاجتماعي. من هنا، يوجد هذا التكامل بين عمل المحطّة المرئيّة ومواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها.

وأضافت: ما زال التلفزيون يحتلّ الصدارة في وسائل الإعلام لكن أهميّة مواقع التواصل الاجتماعي تتمثّل في الاحتفاظ بالمحتوى وإمكانيّة نشره وتوزيعه على نطاق أوسع، ما يجعل القيّمين على هذه المواقع يعرفون جمهورهم. ونحن نستند إليها كتلفزيون، فنحدّث المضمون الذي نقدّمه بعد الاطلاع على ردود فعل المتابعين، وتبعًا لما نلمسه على مواقع التواصل الاجتماعي.
مديرة البرامج في تيلي لوميار ونورسات ماري-تريز كريدي. Provided by: Télé Lumière
مديرة البرامج في تيلي لوميار ونورسات ماري-تريز كريدي. Provided by: Télé Lumière

نجاحات الإعلام المسيحي

إلى ذلك، قالت ماري-تريز إن أبرز النجاحات التي حقّقها الإعلام المسيحي في لبنان متعلّقة بأعماله التي تعكس الصورة الحقيقيّة للبلاد، مضيفة: لمسنا تغييرًا في مجتمعاتنا، ولا سيّما من خلال متابعاتنا مواقع التواصل الاجتماعي وردود أفعال الجمهور الذي يؤكد أن هناك تغييرًا جذريًّا يحصل بفضل الإعلام الديني، سواء أكان عبر التلفزيون أم الإذاعة أم المواقع الإلكترونيّة، وهذا الأمر يشجّعنا كي نكمل رسالتنا الإعلاميّة.

المزيد

وتابعت: الإعلام الديني تخطّى المحدوديّات، على الرغم من المعوّقات التي تعترض طريقه من تحدّيات ماديّة وتقنيّة، في مقابل تحديث المضمون، فضلًا عن ازدياد عدد وسائل الإعلام الدينيّة والبرامج المسيحيّة في الأسواق العالميّة. وهذا دليل على الإعلام المتطوّر في المضمون والشكل.

وأضافت ماري-تريز: بعد متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، راقبتُ تفاعل الجمهور، ولا سيّما الفئة الشبابيّة، استنادًا إلى أبحاث أعددتها لأطروحة الدكتوراه التي اخترتها في الاستراتيجيّة الاتصاليّة للكنيسة الكاثوليكيّة في العالم، فلمست هذا التغيير بشكل واضح، وتبيّن أن متابعي هذه الصفحات يتمتّعون بالثقافة الدينيّة والسلام الداخلي والرقيّ في التعليقات والابتعاد عن الألفاظ البذيئة، بالإضافة إلى التغيير الذي لمسناه في تفاعل المشاهدين وتبدّل ثقافتهم وذهنيّتهم.

الإعلام المسيحي المرئي المتخصّص

في سياق آخر، تحدّثت ماري-تريز عن الإعلام المسيحي المتخصّص، وليد الحاجة لتقديم المحتوى إلى شريحة واسعة من الجمهور، إذ إن 24 ساعة لا تكفي من أجل بلوغ هذه الغاية، فأطلقت تيلي لوميار محطات متخصّصة، وعددها 5: نور القداس، نور مريم، نور الشباب، نور الأطفال، نورسات، فضلًا عن نورسات الناطقة باللغة الإنكليزيّة.

(تستمر القصة أدناه)

وأكدت نجاح هذه التجربة، مشيرة إلى الحاجة لتفعيلها لأن التحدّيات الماديّة تدفع إلى التأنّي قبل الإقدام على خطوات جديدة.
استوديو تيلي لوميار. Provided by: Télé Lumière
استوديو تيلي لوميار. Provided by: Télé Lumière

بين تداعيات كورونا وانفجار المرفأ... صامدون!

بالنسبة إلى تداعيات كورونا على الإعلام المسيحي، وصفت ماري-تريز الفترة التي انتشر فيها الوباء بزمن البركة والنعمة، موضحة: عندما أغلقت كل الكنائس والمؤسّسات الدينيّة للمرّة الأولى، انتقلت الصلوات والاحتفالات الليتورجيّة بالأسرار إلى الشاشة، ما شجّعنا ومدّ أعمالنا بالزخم والاندفاع، فشملت تغطياتنا كل بلدان العالم التي تضمّ المزارات حيث تقام الصلوات، ولا سيّما صلوات البابا فرنسيس من الفاتيكان، ونُقلت أيضًا الصلوات اليوميّة من لبنان والأردن والأراضي المقدّسة وسوريا والعراق. رُكّبت كاميرات من دون مصوّرين في الكنائس المحليّة، وقمنا بالنقل المباشر عبر التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، وأطلقنا برامج متعلّقة بعيش الإيمان في الحجر المنزلي، فأبدع الكهنة في تجسيد أفكارهم من أجل مساعدة الناس على الاحتفال بالأسرار.

في ما يتعلّق بانفجار مرفأ بيروت، أفادت ماري-تريز بأن تيلي لوميار تأثرت بشكل كبير على الصعيد المادي إذ تعرّضت استوديوهاتها في مسرح مارون النقاش لأضرار جسيمة، وتدمّرت بنيتها التحتيّة التي شكّلت نقلة نوعيّة للتلفزيون آنذاك. كما تعرّض مبنى المحطّة في الدورة للأضرار الماديّة.

وتابعت: أكملنا رسالتنا في مبنى الدورة ونقلنا البرامج المباشرة على مدى شهر كامل، فسخّرنا الهواء لمساعدة الناس ودعم المتضرّرين من جراء الانفجار وزرع الأمل والرجاء في القلوب، ولم نتوجّه إلى الاستوديوهات الكبيرة من أجل إصلاح الأضرار.

وأردفت قائلة: بعد مرور سنة ونصف السنة على وقوع انفجار بيروت، أطلقنا التيليتون لجمع التبرّعات من أجل استمراريّة الإنتاج لأن اهتمامنا تركّز حينذاك على الشهداء والجرحى والمتضرّرين، واتكلنا على العناية الإلهيّة كي نعيد البناء، علمًا بأن تداعيات كورونا أثّرت على انخفاض نسبة المتبرّعين والداعمين، وعدم قدرة الجهاز البشري على متابعة العمل بسبب الأوضاع المعيشيّة المتردّية.
كلاسي وكريدي يعاينان الأضرار التي تعرّضت لها استوديوهات تيلي لوميار ونورسات. Provided by: Télé Lumière
كلاسي وكريدي يعاينان الأضرار التي تعرّضت لها استوديوهات تيلي لوميار ونورسات. Provided by: Télé Lumière

الحلول المطروحة لمعضلات الإعلام المسيحي

وختمت مديرة البرامج في تيلي لوميار ونورسات حديثها عبر "آسي مينا"، ملخّصة الحلول المطروحة لمعضلات الإعلام المسيحي بما يلي: التطلّع إلى الأمام لما يفرضه الواقع من ضرورات تطوير العمل، والبحث عن فرص للتعاون، واستخدام كل الإمكانيّات للعب دور فاعل في المجتمع، والقيام بالبحوث والدراسات المتعلّقة بالواقع الإعلامي الحالي، والتعاون مع الخارج من أجل تدريب المحترفين وتنمية المهارات وتبادل الخبرات وتأمين التمويل الثابت، ووضع استراتيجيّة إعلاميّة اقتصاديّة متكاملة وواضحة للإعلام المسيحي من أجل إحداث التغيير الإيجابي وتجسيد الرسالة الإعلاميّة، والقدرة على نشر المواد المُنتجة خارج الإعلام المسيحي.

لطالما سعت تيلي لوميار بكل جهودها وإمكانيّاتها إلى نقل البشرى حتى أقاصي الأرض، كما حلم مؤسّسها الأخ نور، فكانت السبّاقة في إعلان البشارة وحملها أروع هديّة إلى منازل المسيحيين في لبنان والعالم، محقّقة دعوتها في قلب الكنيسة، وعاملة وفق تعاليمها، ولا سيّما تعليم البابا فرنسيس المتعلّق بدور الإعلام في خدمة الحقيقة، إذ قال: "بالنسبة إلى المسيحي، ليست الحقيقة أبدًا مجرّد مفهوم يتعلّق بالحكم على الأشياء. إن الحقيقة تتعلّق بالحياة بأسرها. إن العمل في خدمة الحقيقة يعني إذن أن نبحث عما يخدم الشركة ويعزّز خير الجميع، وليس عما يعزل ويُفرِّق ويُناقض".

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته