ما قصّة انتشار شجرة الميلاد في العالم أجمع؟

شجرة عيد الميلاد شجرة الميلاد في أحد الأسواق الميلاديّة في بودابست | Provided by: Rachel Althouse/Pinterest

تعدّدت الروايات المتعلّقة بتزيين البيوت بالشجرة التي أضحت جزءًا أساسيًّا من تقاليد الاحتفال بعيد الميلاد. فما قصّة انتشارها في العالم أجمع؟ وما الرموز الدينيّة التي تحملها؟

في ما يلي ثلاثة تفسيرات لقصّة شجرة الميلاد التي غدت أحد الرموز الأساسيّة لعيد ميلاد المسيح.

التفسير الأوّل: من الوثنيّة إلى المسيحيّة

تعود فكرة نصب الشجرة وتزيينها إلى بعض القبائل الوثنيّة التي كانت تعيش في ألمانيا وتعبد آلهة الغابات والرعد. وجرت العادة أن تزيّن تلك القبائل الأشجار وتربط طفلًا على جزعها لتقديمه كأضحية بشريّة للآلهة، وقد استمرّت في ذلك حتى بدايات القرن الثامن الميلادي، عندما أتى إليها القديس بونيفاسيوس لكي يبشّرها بالمسيحيّة، وحصل أن شاهدها تقيم احتفالًا تحت شجرة بلّوط رُبِطَ عليها طفل كان سيُذبَح من أجل تقديمه إلى الآلهة. فخلّص القديس الطفل من أيدي أفراد القبيلة وقطع تلك الشجرة، ووعظ فيهم شارحًا أن الله إله سلام ومحبّة وخلاص.

لكنهم ذُهلوا لظهور شجرة صغيرة نبتت من جذور الشجرة التي قطعها القديس، فقال لهم: «إنها تمثّل الطفل يسوع»، وأصبحت في ما بعد رمزًا للاحتفال بعيد ميلاد المسيح. ومع اعتناق سكان المنطقة الدين المسيحي، لم تُلْغَ عادة وضع الشجرة في عيد الميلاد، بل تحوّلت رموزها إلى رموز مسيحيّة، وانتقلت هذه العادة من ألمانيا إلى فرنسا وإنكلترا ثمّ أميركا، وتفنّن الناس في تزيينها بأساليب عدّة.

التفسير الثاني: شجرة الحياة

للشجرة مكانة كبيرة في الكتاب المقدّس، فشجرة معرفة الخير والشرّ مذكورة في قصّة الخلق بالعهد القديم، وقد أصبحت شجرة الحياة مع المسيح الفادي، لذلك نضعها في بيوتنا استعدادًا لميلاد الربّ يسوع معطي الحياة.

التفسير الثالث: وثيقة قديمة واحتفال ملكي

ذُكِرَت أوّل شجرة حملت طابعًا مسيحيًّا في ستراسبورغ سنة 1605 في وثيقة محفوظة. وبحسب التقليد، قام مارتن لوثر، الألماني الجنسيّة ومؤسّس البروتستانتيّة اللوثريّة في القرن السادس عشر، بتزيين شجرة ميلاد بالأضواء للمرّة الأولى في العالم، ومن ثمّ بدأت تظهر الزينة كالنجمة والملائكة والأجراس والعكّازة والشرائط الملوّنة والأكاليل الخضراء الدائريّة على أبواب المنازل.

لكن نصب أوّل شجرة ضخمة مخصّصة للاحتفال بالميلاد تمّ في القصر الملكي في إنكلترا سنة 1840 في عهد الملكة فيكتوريا، ومن بعدها انتشر استخدام الشجرة بوصفها عنصرًا أساسيًّا في الاحتفالات بعيد الميلاد في العالم.

شجرة الميلاد ورموزها في المسيحيّة

أصبحت شجرة الميلاد تُنْصَبُ قبل العيد بأيّام عدّة وتبقى إلى ما بعد عيد الغطاس. ولم تُذكر الشجرة في قصّة الميلاد في الإنجيل، لكنها غدت رمزًا للمسيح الذي يَهِب الاخضرار الدائم لحياتنا.

وعلى مثال يسوع، تكون الشجرة التي توضَع في منازلنا حجر الزاوية الذي تؤسّس العائلة المسيحيّة بيتها عليه. وتمدّ شجرة العيد، بجمالها الذي لا يذبل، أغصانها في كل الاتجاهات لتُعانِقَ حزننا وتبدّله إلى فرح دائم، وفي أعلاها تُثَبّت النجمة لتدلّنا إلى المكان الحقيقي لولادة يسوع، ألا وهو مغارة قلوبنا.

أمّا ألوان الشجرة والزينة، فتحمل رموزًا روحيّة أيضًا، فالأخضر رمز للحياة الجديدة والرجاء والبركة، واللون الذهبي رمز للملوكيّة والمجد والغنى، والأحمر رمز للشهادة والفداء ودم يسوع المسيح فادينا، والأبيض رمز للطهارة والنقاء.

البابا فرنسيس يدعو إلى التجذّر في المسيح

في سياق متصل، تحدّث البابا فرنسيس في خلال الاحتفال بافتتاح المغارة الميلاديّة وإضاءة شجرة العيد في ساحة القديس بطرس الفاتيكانيّة، السبت 3 ديسمبر/كانون الأوّل 2022، عن شجرة الميلاد، شارحًا أن الشجرة بأضوائها تذكّر بيسوع الذي يأتي ليضيء ظلماتنا ووجودنا المغلق بسبب ظلال الخطيئة والخوف والألم.

واعتبر البابا أن الناس، كما الشجر، يحتاجون إلى جذور لأن الشخص المتجذّر في أرض خصبة يبقى ثابتًا وينمو وينضج ويقاوم الرياح التي تهزّه ويصير مَعْلَمًا لمن ينظر إليه، مُقتبسًا من مار بولس أن شجرة عيد الميلاد بجذورها تذكّرنا بأن نكون «متأصّلين في يسوع المسيح» (قولسي 2: 7).

المزيد

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته