نَخْدُم بدل أن نُخْدَم

صورة تجسد لقاء مريم بأليصابات زيارة مريم أليصابات | Provided by: Zvonimir Atletic/Shutterstock

بعد تلقّيها خبر البشارة بالحبل الإلهي، قامت أمّنا مريم العذراء وانطلقت نحو منزل أليصابات لتخدمها (لوقا 1: 39-56)...

تأمّل البابا فرنسيس في هذا الحدث في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي في 23 ديسمبر/كانون الأوّل 2018، وقال: «كون مريم قد "قامت" للذهاب مسرعة إلى أليصابات، والقيام هو فعل مفعم بالحنان. فقد كان بإمكان مريم أن تظلّ في بيتها لتستعد لميلاد يسوع، لكنها اهتمّت أوّلًا بالآخرين لا بنفسها لتثبت أنها تلميذة للربّ الذي تحمله في بطنها».

أمّا مريم التي لم تغرق بعد البشارة في تحليل الحدث وأبعاده، فاندفعت ببساطتها وبقوّة إيمانها، منطلقةً في سبيل الخدمة، كما أوضح البابا فرنسيس في 19 ديسمبر/كانون الأوّل 2021، وفي كلمةٍ له قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي حين قال: «بعدما تلقّت بشارة الملاك، لم تبقَ مريم العذراء في البيت لتفكّر وتعيد التفكير بالذي حصل معها ولتنظر في المشاكل والمفاجآت، الكثيرة بلا شك... على العكس، فكّرت أوّلًا في الذين هم بحاجة: بدلًا من أن تتعامل مع مشاكلها، فكّرت في الذين هم بحاجة، فكّرت في قريبتها أليصابات التي تقدّمت في السّن وكانت حاملًا...».

إنّ مريم لم تتكبّر بسبب حملها الإلهي ولم تسعَ لاستغلال هذا الوضع للتمتّع بامتيازات خاصّة -ألمحت إليها أليصابات في ترحيبها بها قائلةً: «مباركة أنتِ في النساء! ومباركة ثمرة بطنك! من أين لي أن تأتيني أمّ ربّي؟» (لوقا 1: 42-43)- بل سارعت إلى الخدمة التي هي فعل تواضع ينبع من تجسّد ابن الله في رحمها، والذي قال فيه مار بولس ما يلي: «المسيح يسوع هو الذي في صورة الله لم يعد مساواته لله غنيمة بل أخلى ذاته متّخذًا صورة العبد وصار على مثال البشر وظهر في هيئة إنسان!» (فيليبي 2: 5-7).

هذا التجسّد أوجد رابط وحدة عميقة بينها وبين الله، وتجلّى عمق هذا الرابط في تواضع مريم التي أنشدت أمام أليصابات، قائلةً: «تعظّم نفسي الربّ وتبتهج روحي بالله مخلّصي لأنه نظر إلى أمته الوضيعة. ستهنّئني بعد اليوم جميع الأجيال لأن القدير صنع إليَّ أمورًا عظيمة: قدوس اسمه» (لوقا 1: 46-49).

كلّما اقتربنا من الله، تجذّرنا في التحوّل من البحث عن الخدمة لذاتنا (أن نُخْدَم) إلى السعي من أجل خدمة الآخرين (أن نَخْدُم)، وهو ما دعانا الربّ يسوع إلى القيام به حين قال: «ابن الإنسان لم يأتِ ليُخْدَم، بل ليَخْدُم» (متى 20: 28)!

والخدمة تقود إلى الفرح، وفق ما شرح البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للشبيبة 2022، مستندًا إلى ما أوضحه القديس أمبروسيوس إذ اعتبر «أنّ مريم انطلقت مسرعة نحو الجبل "لأنّها كانت سعيدة بالوعد وترغب في أن تؤدّي الخدمة بإخلاص، مع الحماس الذي ملأها بفرحها الداخلي. امتلأت بالله، فإلى أين كان يمكنها أن تذهب مسرعة إلّا نحو العلى؟ نعمة الروح القدس لا تتحمّل الإبطاء". لذلك، سرعة مريم هي اندفاعها للخدمة وحمل البشرى واستجابتها الفوريّة لنعمة الروح القدس».

لنتأمّل اليوم في هذه الزيارة لنتعلّم من مريم أن نتواضع، فنخدم لنفرح!

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته