الذكرى الخامسة لرحيل المطران كبوجي وافتتاح العرض الأول لفيلم "المطران" تكريماً له.

Full Moon with Cross Daniel Ibañez/ACI MENA

من الجدير الاعتراف بالقول والفعل أن حياة المطران" إيلاريون كبوجي" النائب البطريركي العام للقدس في المنفى، لم تعرف الراحة أو الترف يوماً، فالرجل عاش مؤمناً بقضية ومبدأ، بذل من أجلهما الكثير، حتى رحيله في منفاه القسري في روما.

كبوجي كما يعرفه العرب والسوريون هو مناضلٌ من طراز مختلف، لم توقفه حدود ولم يحد من شجاعته اعتقال أو تهديد، وبالتزامن مع الذكرى الخامسة لرحيله، استضافت أوبرا دمشق في الشهر الأول من هذا العام العرض الأوّل لفيلم "المطران" للمخرج باسل الخطيب، والكاتب حسن يوسف، بطولة الفنان رشيد عساف، والذي تضمن أيضاً تكريماً لأسرة الفيلم.

يرصد الفيلم سيرة المطران المولود في حلب عام 1922، والذي أصبح مطراناً لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965 حتى اعتقلته سلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1974 بتهمة تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية، إلى أن تدّخل الفاتيكان لإطلاق سراحه ثم أُبعد إثر ذلك إلى روما، وقضى بقية حياته فيها، من دون أن يتخلى عن دوره الوطني والديني المقاوم للاحتلال والداعم للقضية الفلسطينية ووطنه سورية حتى رحيله عام 2017. 

الفيلم من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، ويستند إلى مشروع "حارس القدس"، الذي خُطط له منذ البداية أن يُقدّم بنسختين، تلفزيونية وسينمائية بسيناريوهين منفصلين، يلتقيان في بعض المشاهد، على أن يُترجم إلى عدة لغاتٍ، تمهيداً لمشاركته في مهرجانات حول العالم.

وفي تصريح لـ المخرج الخطيبإن مسلسل (حارس القدس) يغطي مرحلة كبيرة من حياة المطران، لكننا في الفيلم اخترنا مرحلة هي الأهم، بما فيها من أحداث ومواقف نضالية وروحية، نرجو أن نكون قد ساهمنا من خلال العملين في صنع وثيقة فنية للأجيال القادمة عن حياة كبوجي.

وبدوره الكاتب حسن يوسف قال في تصريح له: كبوجي يُشكل حالة دينية فريدة في بلاد الشام، أول من شقّ الطريق إليها) الشيخ عز الدين القسام (، حين غادر مدينته جبلة وذهب لكي يقود المقاومة في فلسطين، منطلقاً من إيمانه بأن معركة الأمة الحقيقية هناك، كذلك أدرك المطران أن الصمت أمام الاحتلال ليس خيانة للوقت فقط، بل خيانة لله والذات، من هنا سمح لنفسه بأن يُشارك في الأعمال المقاومة لتحرير وسيادة الدولة الفلسطينية.

وأضاف: قضية فلسطين تُشرّف كل من يدافع عنها، نحن لا نعطي فلسطين بل على العكس عندما نتقدم من هذه القضية ونتحدث عنها فهي تعطينا فلسطين أكثر القضايا عدالةً في تاريخ البشرية، بما فيها قضية الهنود الحمر الذين أُبيدوا إبادة تامة.

وحول إمكانية عرض الفيلم في دور السينما الفلسطينية، أشار إلى عدم تدخله في شؤون العرض، وقال: يُؤسفني أن المسلسل لم يُعرض على أي قناة من القنوات الفلسطينية، أرجو أن يفسر المعنيون هذا الأمر. كما صرح يوسف عملي الأخير (حارس القدس)، لم يُعرض إلا في قنوات محدودة جداً لأنه يتناول قضية سورية من منظور يخدم السياسة السورية، لذلك قاطعوه، حتى السلطة الفلسطينية التي يخدم قضيتها لم يُعرض على قنواتها.

المزيد

وكان فيلم "المطران" نال جائزة التحكيم في مسابقة نور الشريف للفيلم العربي، ضمن فعاليات الدورة ال 37 لمهرجان الاسكندرية السينمائي لدول البحر الأبيض المتوسط.

جزء من رسالة من المطران إيلاريون كبوجي إلى محاميه من داخل السجن:

"قبل أن أخطو أول خطوة وأنخرط في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، دخلت في صراع نفسي طويل. فكّرت عميقاً فيما أنا مقبل عليه، فكّرت جيداً في نتائج عملي، كنت مدركاً بكل وضوح أن الانضمام إلى صفوف المقاومة والمشاركة مباشرة في أعمالها على الأرض سوف تترتب عليهما نتائج وخيمة باهظة الثمن، ومن ضمنها السجن، ورغم ذلك نفّذت ما خططت له، وكررت فعلي مرات عديدة، ألا يعني ذلك أني سرت إلى مصيري بعينين مفتوحتين وعقل مدرك وعن سابق تصوّر وتصميم؟".

المقاومة في رأس كبوجي، ليست مغامرة يحركها الانفعال فقط، وإنما أيضاً الإيمان والفكر العميق في معرفة الحق وتحديد طريقه.

(تستمر القصة أدناه)

 في قراءة كبوجي وفكره، المسيح هو الفدائي الأول، والوحدة في الشرق بين مكوناته المتنوعة والغنية هي الأصل والحالة الطبيعية التي نمت معها منطقتنا. ولأنه حمل فكراً مقاوماُ لامعاً وواضحاً ومفهوماً، فكان عابراً للجغرافيا وموحداً لها. فهو ابن مدينة حلب السورية الذي يحمل في حقيبته ألواح صابون الغار الحلبي، والزعتر الحلبي، عندما يسافر إلى روما. كان يقول دائماً "أنا ابن سوريا، وعندما كنتُ في المدرسة، وقبل دخول الصف، كنا نقف ونُنشد، بلاد العرب أوطاني، لقد علمتنا سوريا ألا نتقوقع، وأن نفتح قلوبنا للعالم أجمع، وبخاصة لأمّتنا العربية". وهو كذلك ابن مصر، ففي يوم وفاة جمال عبد الناصر في الـ 28 من أيلول/سبتمبر عام 1970 توجّه المطران إيلاريون كبوجي إلى جميع الأساقفة في القدس طالباً منهم رفع الأعلام السود فوق مقارّهم، وقرع الأجراس في أثناء جنازته.وهو ابن فلسطين، التي فردت ظلها على وجدانه وخياله وروحه. واجه وتحدى، سُجن ونفي في سبيل تحريرها، وكان يهتف دوما "القدس قطعة مني

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته